responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 67
إِقَامَةِ سُنَنِهِ الْعَادِلَةِ، وَإِصْلَاحِ حَالِ عِبَادِهِ بِالْعَقَائِدِ الصَّحِيحَةِ وَالْآدَابِ الْعَالِيَةِ، وَمِنْ وُجُوبِ مُرَاعَاةِ أَحْكَامِهِ وَسُنَنِهِ وَوُعُودِهِ تَعَالَى فِيهَا بِإِعْدَادِ كُلِّ مَا يُسْتَطَاعُ مِنْ قُوَّةٍ مَادِّيَّةٍ، وَمُرَابَطَةٍ دَائِمَةٍ، وَمِنْ قُوَّةٍ مَعْنَوِيَّةٍ كَالصَّبْرِ وَالثَّبَاتِ، وَعَدَمِ الْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ إِلَّا تَحَيُّزًا إِلَى فِئَةٍ أَوْ تَحَرُّفَا لِقِتَالٍ، وَذِكْرِ اللهِ تَعَالَى، وَاسْتِمْدَادِ نَصْرِهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ، وَمِنْ كَوْنِ غَايَةِ الْقِتَالِ عِنْدَ الْمُؤْمِنِ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ: النَّصْرِ وَالْغَنِيمَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، أَوِ الشَّهَادَةِ وَالسَّعَادَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ أَكْثَرُهُ فِي هَذَا السِّيَاقِ، وَهُوَ كَافٍ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ بِالْقُرْآنِ. وَذَلِكَ كُلُّهُ بِخِلَافِ حَالِ الْكَافِرِينَ، وَلَا سِيَّمَا مُنْكِرِي الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ كَمُشْرِكِي الْعَرَبِ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ، وَكَذَلِكَ الْيَهُودُ الَّذِينَ غَلَبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَطَامِعُ الْمَادِّيَّةُ وَحُبُّ الشَّهَوَاتِ، فَأَغْرَاضُ الْفَرِيقَيْنِ مِنَ الْقِتَالِ حَقِيرَةٌ خَسِيسَةٌ مُؤَقَّتَةٌ، يَصْرِفُهُمْ عَنِ الصَّبْرِ وَالثَّبَاتِ فِيهَا الْيَأْسُ مِنْ حُصُولِهَا، وَهُمْ أَحْرَصُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْحَيَاةِ لِعَدَمِ إِيمَانِ الْمُشْرِكِينَ مِنْهُمْ بِسَعَادَةِ الْآخِرَةِ، وَلِغُرُورِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِحُصُولِهَا لَهُمْ بِنَسَبِهِمْ وَشَفَاعَةِ أَنْبِيَائِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَسْعَوْا لَهَا سَعْيَهَا، كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَيَانِ حَالِهِمْ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ (2: 96) الْآيَةَ.
وَقَدْ حَقَّقْنَا مَعْنَى الْفِقْهِ وَالْفَقَاهَةِ فِي مَوَاضِعَ، أَوْسَعُهَا بَيَانًا وَتَفْصِيلًا تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ
بِهَا (7: 179) إِلَخْ. فَفِيهِ بَيَانٌ لِمَا فِي الْقُرْآنِ مِنِ اسْتِعْمَالِ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي الْمَوَاضِعِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَمِنْهَا الْقِتَالُ، وَذَكَرْنَا مِنْ شَوَاهِدِ هَذَا النَّوْعِ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي نَزَلَتْ فِي الْمُشْرِكِينَ، وَقَوْلَهُ تَعَالَى فِي الْيَهُودِ الَّذِينَ قَاتَلُوا النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَنَصَرُوا الْمُشْرِكِينَ عَلَيْهِ: لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (59: 13) فَرَاجِعْهُ يَزِدْكَ عِلْمًا بِمَا هُنَا وَهُوَ فِي [ص350 - 357 ج 9 ط الْهَيْئَةِ] فَالْفِقْهُ الَّذِي هُوَ الْعِلْمُ بِالْحَقَائِقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَرْبِ مِنْ مَادِّيَّةٍ وَرُوحِيَّةٍ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ النَّجَاحِ، وَسَبَبٌ لِلنَّصْرِ جَامِعٌ لِسَائِرِ الْأَسْبَابِ.
وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا أَعْلَمَ مِنَ الْكَافِرِينَ، وَأَفْقَهَ بِكُلِّ عِلْمٍ وَفَنٍّ يَتَعَلَّقُ بِحَيَاةِ الْبَشَرِ وَارْتِقَاءِ الْأُمَمِ، وَأَنَّ حِرْمَانَ الْكُفَّارِ مِنْ هَذَا الْعِلْمِ هُوَ السَّبَبُ فِي كَوْنِ الْمِائَةِ مِنْهُمْ دُونَ الْعَشْرَةِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الصَّابِرِينَ. وَهَكَذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي قُرُونِهِمُ الْأُولَى وَالْوُسْطَى بِهِدَايَةِ دِينِهِمْ عَلَى تَفَاوُتِ عُلَمَائِهِمْ وَحُكَّامِهِمْ فِي ذَلِكَ، حَتَّى إِذَا مَا فَسَدُوا بِتَرْكِ هَذِهِ الْهِدَايَةِ الَّتِي سَعِدُوا بِهَا فِي دُنْيَاهُمْ فَكَانُوا أَصْحَابَ مُلْكٍ وَاسِعٍ وَسِيَادَةٍ عَظِيمَةٍ دَانَتْ لَهُمْ بِهَا الشُّعُوبُ الْكَثِيرَةُ - زَالَ ذَلِكَ الْمَجْدُ وَالسُّؤْدُدُ، وَنُزِعَ مِنْهُمْ أَكْثَرُ ذَلِكَ الْمُلْكِ، وَمَا بَقِيَ مِنْهُ فَهُوَ عَلَى

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست