responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 507
وَالْغَنِيُّ يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ سِعَتَهُ كَمَا فَعَلُوا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ بَيْتُ مَالٍ غَنِيٍّ يُنْفَقُ مِنْهُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَلَى الْغُزَاةِ وَهَذَا الْعُذْرُ خَاصٌّ بِالْمَالِ، وَيَزُولُ إِذَا كَانَ لِلْأُمَّةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَا يُنْفِقُونَ مِنْهُ، أَيْ لَيْسَ عَلَى هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ (حَرَجٌ) أَيْ ضِيقٌ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ يُعَدُّونَ بِهِ مُذْنِبِينَ، وَلَا إِثْمَ فِي الْقُعُودِ عَنِ الْجِهَادِ الْوَاجِبِ: إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فِي حَالِ قُعُودِهِمْ لِعَجْزِهِمْ، أَيْ: إِذَا أَخْلَصُوا لِلَّهِ تَعَالَى فِي الْإِيمَانِ وَلِلرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الطَّاعَةِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ بِالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَلَاسِيَّمَا الَّذِي تَقْتَضِيهِ حَالَةُ الْحَرْبِ فَالنَّصِيحَةُ وَالنُّصْحُ (بِالضَّمِّ) تَحَرِّي مَا يَصْلُحُ بِهِ الشَّيْءُ، وَيَكُونُ خَالِيًا مِنَ الْغِشِّ وَالْخَلَلِ وَالْفَسَادِ مِنْ قَوْلِهِمْ: نَصَحَ الْعَسَلَ وَنُصِحَ إِذَا كَانَ مُصَفًّى خَالِصًا " وَنَصَحَ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ إِذَا أَنْعَمَ خِيَاطَتَهُ وَلَمْ يَتْرُكْ فِيهِ فَتْقًا وَلَا خَلَلًا " ذَكَرَهُ فِي مَجَازِ الْأَسَاسِ وَقَالَ " شَبَّهَ ذَلِكَ بِالنُّصْحِ " عَلَى طَرِيقَتِهِ فِي جَعْلِ الْمَعَانِي الْحِسِّيَّةِ مِنَ الْمَجَازِ، وَالْمَعْنَوِيَّةِ مِنَ الْحَقِيقَةِ وَنَحْنُ نَرَى عَكْسَ هَذَا - أَعْنِي أَنَّ نُصْحَ الْعَسَلِ وَالْخَيَّاطِ حَقِيقَةٌ، وَالنُّصْحُ فِي التَّوْبَةِ وَالطَّاعَةِ هُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ، وَالْأَجْدَرُ بِأَنْ يَكُونَ مَجَازًا، إِلَّا أَنْ يَكْثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فَيُعَدُّ مِنَ الْحَقِيقَةِ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مِنَ النُّصْحِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كُلُّ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْأُمَّةِ، وَلَاسِيَّمَا الْمُجَاهِدِينَ مِنْهَا، مِنْ كِتْمَانِ سَرٍّ، وَحَثٍّ عَلَى بِرٍّ، وَمُقَاوَمَةِ خِيَانَةِ الْخَائِنِينَ فِي سِرٍّ وَجَهْرٍ، فَالنُّصْحُ الْعَامُّ رُكْنٌ مِنَ الْأَرْكَانِ الْمَعْنَوِيَّةِ لِلْإِسْلَامِ، بِهِ عَزَّ السَّلَفُ وَبَزُّوا، وَبِتَرْكِهِ ذَلَّ الْخَلْفُ وَابْتَزُّوا.
رَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: الدِّينُ النَّصِيحَةُ - قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَايَعْتُ
رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَلَى إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.
مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ السَّبِيلُ: الطَّرِيقُ السَّهْلُ يُطْلَقُ عَلَى الْحِسِّيِّ مِنْهُ وَالْمَعْنَوِيِّ فِي الْخَيْرِ وَفِي الشَّرِّ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ: وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ (6: 153) وَ (مَنْ) لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ الْعَامِّ، وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْهُ قَوْلُكَ " مَا عَلَيْهِ سَبِيلٌ " وَإِنْ كَانَ عَامًّا، فَقَوْلُكَ مَا عَلَى فُلَانٍ مِنْ سَبِيلٍ - مَعْنَاهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَدْنَى طَرِيقٍ يَسْلُكُهَا لِمُؤَاخَذَتِهِ أَوِ النَّيْلِ مِنْهُ، فَكُلُّ السُّبُلِ مَسْدُودَةٌ دُونَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ، وَهَذَا الِاسْتِعْمَالُ مُكَرَّرٌ فِي الْقُرْآنِ. وَالْمُحْسِنُونَ ضِدُّ الْمُسِيئِينَ، وَهُوَ عَامٌّ فِيَ كُلِّ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى: بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 507
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست