responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 505
عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ جَاءُوا رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ دِفَاعًا عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللهِ: إِنْ نَحْنُ غَزَوْنَا مَعَكَ تُغِيرُ أَعْرَابُ طَيِّئٍ عَلَى حَلَائِلِنَا وَأَوْلَادِنَا وَمَوَاشِينَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " قَدْ أَنْبَأَنِي اللهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيُغْنِي اللهُ عَنْكُمْ " وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمْ قَوْمٌ تَخَلَّفُوا بِعُذْرٍ بِإِذْنِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَقُولُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ عُذْرَهُمْ حَقٌّ،
وَهُوَ يَصْدُقُ بِبَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ، كَمُقَابِلِهِ الَّذِي يُذْكَرُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو.
وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ أَيْ: وَقَعَدَ عَنِ الْقِتَالِ وَعَنِ الْمَجِيءِ لِلِاعْتِذَارِ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ مِنَ الْأَعْرَابِ، أَيْ: أَظْهَرُوا الْإِيمَانَ بِهِمَا كَذِبًا وَإِيهَامًا، يُقَالُ - كَمَا فِي الْأَسَاسِ - كَذَبَتْهُ نَفْسُهُ إِذَا حَدَّثَتْهُ بِالْأَمَانِيِّ وَالْأَوْهَامِ الَّتِي لَا يَبْلُغُهَا، وَكَذَبَتْهُ عَيْنُهُ إِذَا أَرَتْهُ مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ. قَالَ الْأَخْطَلُ:
كَذَبَتْكَ عَيْنُكَ أَمْ رَأَيْتَ بِوَاسِطٍ ... غَلَسَ الظَّلَامِ مِنَ الرَّبَابِ خَيَالًا
وَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمُنَافِقُونَ الْأَقْحَاحُ. قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: كِلَا الْفَرِيقَيْنِ كَانَ مُسِيئًا: قَوْمٌ تُكَلَّفُوا عُذْرًا بِالْبَاطِلِ، وَهُمُ الَّذِينَ عَنَاهُمُ اللهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ وَقَوْمٌ تَخَلَّفُوا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَعَدُوا جَرْأَةً عَلَى اللهِ تَعَالَى وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ، فَأَوْعَدَهُمُ اللهُ بِقَوْلِهِ: سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ الظَّاهِرُ الْمُخْتَارُ أَنَّ هَذَا الْوَعِيدَ يَعُودُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ عَامًّا فِي الْمُكَذِّبِينَ، وَخَاصًّا بِبَعْضِ الْمُعَذِّرِينَ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: (مِنْهُمْ) أَيِ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ اعْتَذَرَ بَعْضُهُمْ وَقَعَدَ بَعْضٌ، فَإِنَّ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ كُلُّهُمْ كَفَّارٌ، وَأَمَّا الْمُعْتَذِرُونَ فَمِنْهُمُ الصَّادِقُ فِي عُذْرِهِ وَالْكَاذِبُ فِيهِ لِمَرَضٍ فِي قَلْبِهِ، أَوْ لِتَكْذِيبِهِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَعْرِفُ نَفْسَهُ فَيُحَاسِبُهَا إِذَا وَجَدَ الْوَعِيدَ مَوْضِعًا لِلْعِبْرَةِ مِنْهَا، وَلَوْ جَعَلَ التَّبْعِيضَ لَهُمْ وَحْدَهُمْ لَظَلَّ الْقَاعِدُونَ الْكَاذِبُونَ بِغَيْرِ وَعِيدٍ وَهُمْ شَرٌّ مِنْ شَرِّهِمْ، فَلَا يَصِحُّ التَّبْعِيضُ فِيهِمْ وَحْدَهُمْ، وَمِنْ ثَمَّ اقْتَضَى التَّحْقِيقُ أَنْ يُوَجَّهَ الْوَعِيدُ إِلَى الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ لِكُفْرِهِمْ لَا لِاعْتِذَارِهِمْ، وَإِلَى الَّذِينَ قَعَدُوا لِكُفْرِهِمْ لَا لِقُعُودِهِمْ، بَلْ لِلْكَذِبِ الَّذِي كَانَ سَبَبَهُ وَهُوَ عَيْنُ الْكَفْرِ، وَهُوَ لَمْ يُذْكَرْ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ ; لِأَنَّ مِنَ الْقُعُودِ مَا يَكُونُ بِعُذْرٍ مِنَ الْأَعْذَارِ الْمَنْصُوصَةِ فِي الْآيَةِ التَّالِيَةِ، وَهُمْ أُولُو الضَّرَرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى (4: 95) إِلَخْ. فَالْإِبْهَامُ لِمُسْتَحَقِّي هَذَا الْوَعِيدِ
مِنَ الْفَرِيقَيْنِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 505
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست