responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 499
عِنْدِي، وَنَحْوُهُ قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ: (فَإِنْ قُلْتَ) كَيْفَ خَفِيَ عَلَى أَفْصَحِ الْخَلْقِ، وَأَخْبَرِهِمْ بِأَسَالِيبِ الْكَلَامِ وَتَمْثِيلَاتِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْعَدَدِ أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ وَلَوْ كَثُرَ لَا يُجْدِي، وَلَاسِيَّمَا وَقَدْ تَلَاهُ قَوْلُهُ: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ (80) الْآيَةَ. فَبَيَّنَ الصَّارِفَ عَنِ الْمَغْفِرَةِ لَهُمْ؟ (قُلْتُ) لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ فَعَلَ مَا فَعَلَ، وَقَالَ مَا قَالَ إِظْهَارًا لِغَايَةِ رَحْمَتِهِ وَرَأْفَتِهِ عَلَى مَنْ بُعِثَ إِلَيْهِ، وَهُوَ كَقَوْلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14: 36) وَفِي إِظْهَارِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الرَّأْفَةَ الْمَذْكُورَةَ لُطْفٌ بِأُمَّتِهِ، وَبَاعِثٌ عَلَى رَحْمَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا انْتَهَى. وَقَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ وَغَيْرُهُ قَالُوا: لَا يَجُوزُ نِسْبَةُ مَا قَالَهُ إِلَى الرَّسُولِ ; لِأَنَّ اللهَ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ لِلْكُفَّارِ، وَإِذَا كَانَ لَا يَغْفِرُ لَهُمْ فَطَلَبُ الْمَغْفِرَةِ لَهُمْ مُسْتَحِيلٌ، وَطَلَبُ الْمُسْتَحِيلِ
لَا يَقَعُ مِنَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ النَّهْيَ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ لِمَنْ مَاتَ مُشْرِكًا لَا يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ لِمَنْ مَاتَ مُظْهِرًا لِلْإِسْلَامِ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُعْتَقَدُهُ صَحِيحًا. وَهَذَا جَوَابٌ جَيِّدٌ. وَقَدْ قَدَّمْتُ الْبَحْثَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ، وَالتَّرْجِيحُ أَنَّ نُزُولَهَا كَانَ مُتَرَاخِيًا عَنْ قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ جِدًّا، وَأَنَّ الَّذِي نَزَلَ فِي قِصَّتِهِ: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ (28: 56) وَحَرَّرْتُ دَلِيلَ ذَلِكَ هُنَاكَ، إِلَّا أَنَّ فِي بَقِيَّةِ هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نُزُولَ ذَلِكَ وَقَعَ مُتَرَاخِيًا عَنِ الْقِصَّةِ، وَلَعَلَّ الَّذِي نَزَلَ أَوَّلًا، وَتَمَسَّكَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ (80) إِلَى هُنَا خَاصَّةً ; وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ فِي جَوَابِ عُمَرَ عَلَى التَّخْيِيرِ، وَعَلَى ذِكْرِ السَّبْعِينَ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الْقِصَّةُ الْمَذْكُورَةُ كَشَفَ اللهُ عَنْهُمُ الْغِطَاءَ وَفَضَحَهُمْ عَلَى رُءُوسِ الْمَلَأِ، وَنَادَى عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ. وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي اقْتِصَارِ الْبُخَارِيِّ فِي التَّرْجَمَةِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ إِلَى قَوْلِهِ: فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ (80) وَلَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ كِتَابَهِ تَكْمِيلُ الْآيَةِ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنِ اخْتِلَافِ الرُّوَاةِ عَنْهُ فِي ذَلِكَ.
" وَإِذَا تَأَمَّلَ الْمُتَأَمِّلُ الْمُنْصِفُ، وَجَدَ الْحَامِلَ عَلَى مَنْ رَدَّ الْحَدِيثَ أَوْ تَعَسَّفَ فِي التَّأَمُّلِ ظَنَّهُ بِأَنَّهُ قَوْلُهُ: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ (80) نَزَلَ مَعَ قَوْلِهِ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَيْ: نَزَلَتِ الْآيَةُ كَامِلَةً ; لِأَنَّهُ لَوْ فُرِضَ نُزُولُهَا كَامِلَةً لَاقْتَرَنَ النَّهْيُ بِالْعِلَّةِ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ قَلِيلَ الِاسْتِغْفَارِ وَكَثِيرَهُ لَا يُجْدِي، وَإِلَّا فَإِذَا فُرِضَ مَا حَرَّرْتُهُ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ نَزَلَ مُتَرَاخِيًا عَنْ صَدْرِ الْآيَةِ ارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ. وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَحُجَّةُ الْمُتَمَسِّكِ مِنَ الْقِصَّةِ بِمَفْهُومِ الْعَدَدِ صَحِيحٌ، وَكَوْنُ ذَلِكَ وَقَعَ مِنَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مُتَمَسِّكًا بِالظَّاهِرِ عَلَى مَا هُوَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 499
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست