responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 49
رَئِيسُهُمْ: بَلْ جِئْتَنِي وَاللهِ بِذُلِّ الدَّهْرِ، جِئْتَنِي بِسَحَابٍ قَدْ أَرَاقَ
مَاءَهُ فَهُوَ يَرْعَدُ وَيَبْرُقُ. فَلَمْ يَزَلْ يُخَادِعُهُ وَيَعِدُهُ وَيُمَنِّيهِ، حَتَّى أَجَابَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِي حِصْنِهِ يُصِيبُهُ مَا أَصَابَهُمْ، فَفَعَلَ وَنَقَضُوا عَهْدَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَظْهَرُوا سَبَّهُ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الْخَبَرُ، فَأَرْسَلَ يَسْتَعْلِمُ الْأَمْرَ فَوَجَدَهُمْ قَدْ نَقَضُوا الْعَهْدَ فَكَبَّرَ وَقَالَ: (أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ) فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا أَنْ وَضَعَ سِلَاحَهُ فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: وَضَعْتَ السِّلَاحَ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمْ تَضَعْ أَسْلِحَتَهَا، فَانْهَضْ بِمَنْ مَعَكَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَإِنِّي سَائِرٌ أَمَامَكَ أُزَلْزِلُ بِهِمْ حُصُونَهُمْ، وَأَقْذِفُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ. فَسَارَ جِبْرَائِيلُ فِي مَوْكِبِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَرَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَلَى أَثَرِهِ فِي مَوْكِبِهِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.
(فَصْلٌ) وَأَعْطَى رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الرَّايَةَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَنَازَلَ حُصُونَ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَحَصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، وَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْحِصَارُ عَرَضَ عَلَيْهِمْ رَئِيسُهُمْ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ ثَلَاثَ خِصَالٍ: إِمَّا أَنْ يُسْلِمُوا، وَيَدْخُلُوا مَعَ مُحَمَّدٍ فِي دِينِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلُوا ذَرَارِيهِمْ، وَيَخْرُجُوا إِلَيْهِ بِالسُّيُوفِ مُصْلَتِينَ يُنَاجِزُونَهُ حَتَّى يَظْفَرُوا بِهِ أَوْ يُقْتَلُوا عَنْ آخِرِهِمْ، وَإِمَّا أَنْ يَهْجُمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَصْحَابِهِ وَيَكْبِسُوهُمْ يَوْمَ السَّبْتِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَمِنُوا أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ فِيهِ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبُوهُ إِلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، فَبَعَثُوا إِلَيْهِ أَنْ أَرْسِلْ إِلَيْنَا أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ نَسْتَشِيرُهُ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامُوا فِي وَجْهِهِ يَبْكُونَ، وَقَالُوا: يَا أَبَا لُبَابَةَ: كَيْفَ تَرَى لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ يَقُولُ: إِنَّهُ الذَّبْحُ، ثُمَّ عَلِمَ مِنْ فَوْرِهِ أَنَّهُ قَدْ خَانَ اللهَ وَرَسُولَهُ، فَمَضَى عَلَى وَجْهِهِ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ، مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ فَرَبَطَ نَفْسَهُ بِسَارِيَةِ الْمَسْجِدِ، وَحَلَفَ أَلَّا يَحِلَّهُ إِلَّا رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِيَدِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ أَرْضَ بَنِي قُرَيْظَةَ أَبَدًا فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ذَلِكَ قَالَ: " دَعَوْهُ حَتَّى يَتُوبَ اللهُ عَلَيْهِ " ثُمَّ تَابَ اللهُ
عَلَيْهِ وَحَلَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِيَدِهِ. ثُمَّ إِنَّهُمْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَامَتْ إِلَيْهِ الْأَوْسُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ فَعَلْتَ فِي بَنِي قَيْنُقَاعَ مَا قَدْ عَلِمْتَ وَهُمْ حُلَفَاءُ إِخْوَانِنَا الْخَزْرَجِ، وَهَؤُلَاءِ مَوَالِينَا فَأَحْسِنْ فِيهِمْ. فَقَالَ: " أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْكُمْ؟ " قَالُوا: بَلَى. قَالَ: " فَذَاكَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ " قَالُوا: قَدْ رَضِينَا، فَأَرْسَلَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ لَمْ يَخْرُجْ مَعَهُمْ لِجُرْحٍ كَانَ بِهِ، فَرَكِبَ حِمَارًا وَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 49
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست