responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 451
مِثْلَهُ، وَسَمَّى الرَّجُلَ
الْمُسْلِمَ عَامِرَ بْنَ قَيْسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ. وَهَذَا لَيْسَ بِحَصْرٍ، بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ، فَإِنَّ مِنْ عَادَةِ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَاذِبِينَ مِنْ عُصَاةِ الْمُؤْمِنِينَ وَغَيْرِهِمْ أَنْ يُكْثِرُوا الْحَلِفَ لِيُصَدَّقُوا؛ لِأَنَّهُمْ لِعِلْمِهِمْ بِكَذِبِهِمْ يَظُنُّونَ أَوْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ مُتَّهَمُونَ فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ، فَيَحْلِفُونَ لِإِزَالَةِ التُّهْمَةِ، وَهَذَا مَعْلُومٌ فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ (42) مِنْ هَذَا السِّيَاقِ حَلِفُهُمْ أَنَّهُمْ لَوِ اسْتَطَاعُوا الْخُرُوجَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ لَخَرَجُوا، وَالتَّصْرِيحُ بِعِلْمِ اللهِ بِكَذِبِهِمْ فِي حَلِفِهِمْ هَذَا - وَفِي الْآيَةِ (56) مِنْهُ وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ إِلَخْ. وَسَيَأْتِي فِي آيَةِ (74) مِنْهُ مِثْلُ هَذَا الْحَلِفِ عَلَى قَوْلٍ مِنَ الْكُفْرِ قَالُوهُ إِنَّهُمْ مَا قَالُوهُ، وَفِي آيَاتِ 59 و96 و107 مِنْهُ نَحْوٌ مِنْ ذَلِكَ.
فَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي بَعْضِ شُئُونِ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ مَعَهُمْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، أَخْبَرَهُمْ بِأَنَّهُمْ شَعَرُوا بِمَا لَمْ يَكُونُوا يَشْعُرُونَ مِنْ ظُهُورِ نِفَاقِهِمْ، فَكَثُرَ اعْتِذَارُهُمْ وَحَلِفُهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي كُلِّ مَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ مُتَّهَمُونَ بِهِ مِنْ قَوْلٍ وَعِلْمٍ؛ لِيُرْضُوهُمْ فَيَطْمَئِنُّوا لَهُمْ، فَتَنْتَفِي دَاعِيَةُ إِخْبَارِ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِمَا يُنْكِرُونَ مِنْهُمْ، وَقَدْ رَدَّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ أَحَقُّ بِالْإِرْضَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ يُصَدِّقُونَهُمْ فِيمَا يَحْلِفُونَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ كَذِبُهُمْ فِيهِ ظَاهِرًا مَعْلُومًا بِالْيَقِينِ، وَلَكِنَّ اللهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَهُوَ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ، وَهُوَ يُوحِي إِلَى رَسُولِهِ مِنْ أُمُورِ الْغَيْبِ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ.
وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: " يُرْضُوهُمَا " وَنُكْتَةُ الْعُدُولِ عَنْهُ إِلَى: (يُرْضُوهُ) الْإِعْلَامُ بِأَنَّ إِرْضَاءَ رَسُولِهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ رَسُولُهُ عَيْنُ إِرْضَائِهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ إِرْضَاءٌ لَهُ فِي اتِّبَاعِ مَا أَرْسَلَهُ بِهِ، وَهَذَا مِنْ بَلَاغَةِ الْقُرْآنِ فِي الْإِيجَازِ، وَلَوْ قَالَ: (يُرْضُوهُمَا) لَمَا أَفَادَ هَذَا الْمَعْنَى؛ إِذْ يَجُوزُ فِي نَفْسِ الْعِبَارَةِ أَنْ يَكُونَ إِرْضَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي غَيْرِ مَا يَكُونُ بِهِ إِرْضَاءُ الْآخَرِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُرَادِ هُنَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قِيلَ: " وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ " لَا يُفِيدُ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا، وَفِيهِ مَا فِيهِ مِنَ الرَّكَاكَةِ وَالتَّطْوِيلِ،
وَقَدْ خَرَّجَهُ عُلَمَاءُ النَّحْوِ عَلَى قَوَاعِدِهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ كَأَبِي السُّعُودٍ: إِنَّ الضَّمِيرَ الْمُفْرَدَ هُنَا يَعُودُ إِلَى مَا فُهِمَ مِمَّا قَبْلَهُ الَّذِي يُفَسَّرُ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ أَوْ " مَا ذُكِرَ " كَقَوْلِ رُؤْبَةَ:
فِيهَا خُطُوطٌ مِنْ سَوَادٍ وَبَلَقْ ... كَأَنَّهُ فِي الْجِلْدِ تَوْلِيعُ الْبَهَقْ
يَعْنِي كَأَنَّ ذَلِكَ أَوْ كَأَنَّ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ تَخْرِيجٌ ضَعِيفٌ لَا يَظْهَرُ فِي الْمُثَنَّى. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إِلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ، وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ لِلرَّسُولِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ لِلرَّسُولِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 451
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست