responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 444
كَمَدَارِسِ هَؤُلَاءِ الرُّهْبَانِ وَالْمُبَشِّرِينَ؟ أَوِ الْمَلَاحِدَةِ الْإِبَاحِيِّينَ؟ قَالُوا: إِنَّنَا لَا نَجِدُ مِنَ الْمَالِ مَا يَقُومُ بِذَلِكَ. وَإِنَّمَا الْحَقُّ أَنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ مِنَ الدِّينِ وَالْعَقْلِ وَعُلُوِّ الْهِمَّةِ وَالْغَيْرَةِ مَا يُمَكِّنُهُمْ مِنْ ذَلِكَ، فَهُمْ يَرَوْنَ أَبْنَاءَ الْمِلَلِ الْأُخْرَى يَبْذُلُونَ لِلْمَدَارِسِ وَلِلْجَمْعِيَّاتِ الْخَيْرِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ مَالًا لَمْ يُوجِبْهُ عَلَيْهِمْ دِينُهُمْ، وَإِنَّمَا أَوْجَبَتْهُ عَلَيْهِمْ عُقُولُهُمْ وَغَيْرَتُهُمُ الْمِلِّيَّةُ وَالْقَوْمِيَّةُ وَلَا يَغَارُونَ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا يَرْضَوْنَ أَنْ يَكُونُوا عَالَةً عَلَيْهِمْ. تَرَكُوا دِينَهُمْ، فَضَاعَتْ
لَهُ دُنْيَاهُمْ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (59: 19) .
فَالْوَاجِبُ عَلَى دُعَاةِ الْإِصْلَاحِ فِيهِمْ أَنْ يَبْدَءُوا بِإِصْلَاحِ مَنْ بَقِيَ فِيهِ بَقِيَّةٌ مِنَ الدِّينِ وَالشَّرَفِ بِتَأْلِيفِ جَمْعِيَّةٍ لِتَنْظِيمِ جَمْعِ الزَّكَاةِ مِنْهُمْ، وَصَرْفِهَا قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ فِي مَصَالِحِ الْمُرْتَبِطِينَ بِهَذِهِ الْجَمْعِيَّةِ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَيَجِبُ أَنْ يُرَاعَى فِي نِظَامِ هَذِهِ الْجَمْعِيَّةِ أَنَّ لِسَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ مَصْرَفًا فِي مُقَاوَمَةِ الرِّدَّةِ وَالْإِلْحَادِ، وَأَنَّ لِسَهْمِ فَكِّ الرِّقَابِ مَصْرَفًا فِي تَحْرِيرِ الشُّعُوبِ الْمُسْتَعْمَرَةِ مِنَ الِاسْتِعْبَادِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَصْرَفُ تَحْرِيرِ الْأَفْرَادِ، وَأَنَّ لِسَهْمِ سَبِيلِ اللهِ مَصْرَفًا فِي السَّعْيِ لِإِعَادَةِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ أَهَمُّ مِنَ الْجِهَادِ لِحِفْظِهِ فِي حَالِ وُجُودِهِ مِنْ عُدْوَانِ الْكَفَّارِ، وَمَصْرَفًا آخَرَ فِي الدَّعْوَةِ إِلَيْهِ، وَالدِّفَاعِ عَنْهُ بِالْأَلْسِنَةِ وَالْأَقْلَامِ، إِذَا تَعَذَّرَ الدِّفَاعُ عَنْهُ بِالسُّيُوفِ وَالْأَسِنَّةِ وَبِأَلْسِنَةِ النِّيرَانِ.
أَلَا إِنَّ إِيتَاءَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَكْثَرِهِمْ لِلزَّكَاةِ وَصَرْفَهَا بِالنِّظَامِ، كَافٍ لِإِعَادَةِ مَجْدِ الْإِسْلَامِ، بَلْ لِإِعَادَةِ مَا سَلَبَهُ الْأَجَانِبُ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْقَاذِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ رِقِّ الْكُفَّارِ، وَمَا هِيَ إِلَّا بَذْلُ الْعُشْرِ أَوْ رُبْعِ الْعُشْرِ مِمَّا فَضَلَ عَنْ حَاجَةِ الْأَغْنِيَاءِ. وَإِنَّنَا نَرَى الشُّعُوبَ الَّتِي سَادَتِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ أَنْ كَانُوا سَادَتَهُمْ يَبْذُلُونَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ أُمَّتِهِمْ وَهُوَ غَيْرُ مَفْرُوضٍ عَلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ.
وَقَدْ كَثُرَ تَسَاؤُلُ أَذْكِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ إِحْيَاءِ فَرِيضَةِ الزَّكَاةِ، وَقَوِيَ اسْتِعْدَادُ أَهْلِ الْغَيْرَةِ لِلْقِيَامِ بِهِ فِي هَذَا الْعَصْرِ، وَكَادَ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ يَسْتَغِلُّونَ هَذَا الِاسْتِعْدَادَ لِمَنَافِعِهِمْ، فَهَلْ نَجِدُ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِقَامَةِ مَنْ يَنْهَضُ بِهِ نَهْضَةً تَكُونُ أَهْلًا لِأَنْ يَثِقُ بِهَا الْعَالَمُ الْإِسْلَامِيُّ وَيُعَزِّزُهَا، قَبْلَ أَنْ يَقْطَعَ عَلَيْهِمُ الْمُنَافِقُونَ وَالْأَعْدَاءُ طَرِيقَهَا؟ .
طَالَمَا طَالَبْنَا الْعُقَلَاءَ بِالدَّعْوَةِ إِلَى هَذَا الْعَمَلِ الْجَلِيلِ، وَمَا زِلْنَا نُسَوِّفُ انْتِظَارًا لِلْأَنْصَارِ الَّذِينَ أَشَرْنَا إِلَى صِفَتِهِمْ، وَقَدِ اضْطُرِرْنَا إِلَى التَّصْرِيحِ بِالِاقْتِرَاحِ هُنَا قَبْلَ الْعُثُورِ عَلَيْهِمْ. وَسَنَعُودُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى إِلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ الزَّكَاةِ وَحِكَمِهَا وَأَحْكَامِهَا
فِي تَفْسِيرِ آيَةِ: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا (103) فِي أَوَاخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 444
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست