responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 440
دُونَ صِنْفٍ؟ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَصْرِفَهَا فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ إِذَا رَأَى ذَلِكَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ بَلْ يُقَسَّمُ عَلَى الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ كَمَا سَمَّى اللهُ تَعَالَى.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ اللَّفْظِ يَقْتَضِي الْقِسْمَةَ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ وَالْمَعْنَى يَقْتَضِي أَنْ يُؤْثِرَ بِهَا أَهْلَ الْحَاجَةِ، إِذْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِهَا سَدَّ الْخَلَّةِ، فَكَانَ تَعْدِيدُهُمْ فِي الْآيَةِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ إِنَّمَا وَرَدَ لِتَمْيِيزِ الْجِنْسِ - أَعْنِي أَهْلَ الصَّدَقَاتِ - لَا تَشْرِيكِهِمْ فِي الصَّدَقَةِ. فَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ، وَهَذَا أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى. وَمِنَ الْحُجَّةِ لِلشَّافِعِيِّ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ الصُّدَائِيِّ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِنَّ اللهَ لَمْ يَرْضَ أَنْ يَحْكُمَ نَبِيٌّ وَلَا غَيْرُهُ فِي الصَّدَقَاتِ حَتَّى حَكَمَ فِيهَا فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ حَقَّكَ اهـ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ وَهِيَ الِاخْتِلَافُ فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ.
وَأَقُولُ: إِنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قَدْ أَطَالَ فِي مَسْأَلَةِ وُجُوبِ تَعْمِيمِ مَا يُوجَدُ مِنَ الْأَصْنَافِ فِي كِتَابِهِ " الْأُمُّ " فِي فُصُولٍ كَثِيرَةٍ، وَقَدْ بَيَّنَ النَّوَوِيُّ الْمَذْهَبَ فِيهَا وَالْقَائِلِينَ بِالتَّعْمِيمِ وَالْمُخَالِفِينَ فِيهِ مِنَ السَّلَفِ وَعُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَالَ: " قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللهُ. إِنْ كَانَ مُفَرِّقُ الزَّكَاةِ هُوَ الْمَالِكُ أَوْ وَكِيلُهُ سَقَطَ نَصِيبُ الْعَامِلِ، وَوَجَبَ صَرْفُهَا إِلَى الْأَصْنَافِ السَّبْعَةِ الْبَاقِينَ إِنْ وُجِدُوا وَإِلَّا فَالْمَوْجُودُ مِنْهُمْ، وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ صِنْفٍ مِنْهُمْ مَعَ وُجُودِهِ، فَإِنْ تَرَكَهُ ضَمِنَ
نَصِيبَهُ، وَهَذَا لِاخْتِلَافٍ فِيهِ إِلَّا مَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَبِمَذْهَبِنَا فِي اسْتِيعَابِ الْأَصْنَافِ قَالَ عِكْرِمَةُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالزُّهْرِيُّ وَدَاوُدُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ وَالشَّعْبِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَأَبُو عُبَيْدٍ: لَهُ صَرْفُهَا إِلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ وَرُوِيَ هَذَا عَنْ حُذَيْفَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَلَهُ صَرْفُهَا إِلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ مِنْ أَحَدِ الْأَصْنَافِ قَالَ مَالِكٌ وَيَصْرِفُهَا إِلَى أَمَسِّهِمْ حَاجَةً، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: إِنْ كَانَتْ قَلِيلَةً جَازَ صَرْفُهَا إِلَى صِنْفٍ وَإِلَّا وَجَبَ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ. قَالُوا وَمَعْنَاهَا (أَيْ آيَةِ الصَّدَقَاتِ) لَا يَجُوزُ صَرْفُهَا إِلَى غَيْرِ هَذِهِ الْأَصْنَافِ وَهُوَ فِيهِمْ مُخَيَّرًا اهـ ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا حَاجَةَ إِلَى نَقْلِهِ.
أَقُولُ: إِنَّ خِلَافَ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ فِي الْمَسْأَلَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ فِيهَا سُنَّةٌ عَمَلِيَّةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا مِنْ عَهْدِ الرَّسُولِ، وَلَا مِنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَهَا مِنَ الْمَصَالِحِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 440
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست