responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 436
فَرِيضَةً مِنَ اللهِ أَيْ: فَرَضَ اللهُ لَهُمْ ذَلِكَ، أَوْ هَذِهِ الصَّدَقَاتُ فَرِيضَةٌ مِنْهُ تَعَالَى فَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا رَأْيٌ، أَوْ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِمَنْ ذُكِرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمُحْتَاجِينَ، وَفِيمَا ذُكِرَ مِنْ مَصَالِحِ الْأُمَّةِ حَالَ كَوْنِهَا مَفْرُوضَةً لَهُمْ مِنَ اللهِ تَعَالَى وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ عَلِيمٌ بِحَالِ عِبَادِهِ وَمَصَالِحِهِمْ، حَكِيمٌ فِيمَا يَشْرَعُهُ لَهُمْ، فَهُوَ لِتَطْهِيرِ أَنْفُسِهِمْ وَتَزْكِيَتِهَا، بِمَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا مِنَ الْإِخْلَاصِ وَالشُّكْرِ لَهُ، وَإِرْضَائِهِ بِنَفْعِ عِبَادِهِ كَمَا قَالَ فِيمَا سَيَأْتِي فِي هَذِهِ السُّورَةِ: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا (103) وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى نُفَاةِ الْمَصَالِحِ فِي أَفْعَالِ اللهِ وَأَحْكَامِهِ. هَذَا مَا فُتِحَ عَلَيْنَا فِي مَعْنَى الْآيَةِ، وَنُعَزِّزُهُ بِمَبَاحِثَ فِي نَظْمِهَا وَأَحْكَامِهَا وَحِكَمِهَا وَمَدَارِكِ الْأَئِمَّةِ، وَمَا تَقْتَضِيهِ مَصَالِحُ الْأُمَّةِ وَحَالَةُ هَذَا الْعَصْرِ فِيهَا فَنَقُولُ:
(1) مَصَارِفُ الصَّدَقَاتِ قِسْمَانِ: أَشْخَاصٌ وَمَصَالِحُ: عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ مَصَارِفَ الصَّدَقَاتِ فِي الْآيَةِ قِسْمَانِ (أَحَدُهُمَا) أَصْنَافٌ مِنَ
النَّاسِ يَمْلِكُونَهَا تَمْلِيكًا بِالْوَصْفِ الْمُقْتَضِي لِلتَّمْلِيكِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِلَامِ الْمِلْكِ. (وَثَانِيهِمَا) مَصَالِحُ عَامَّةٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ وَدَوْلِيَّةٌ لَا يُقْصَدُ بِهَا أَشْخَاصٌ يَمْلِكُونَهَا بِصِفَةٍ قَائِمَةٍ فِيهِمْ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِـ " فِي " الظَّرْفِيَّةِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَفِي الرِّقَابِ وَقَوْلُهُ: وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَالْأَوَّلُ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ يَسْتَحِقُّونَهَا بِفَقْرِهِمْ مَا دَامُوا فُقَرَاءَ - وَالْعَامِلُونَ عَلَيْهَا يَسْتَحِقُّونَهَا بِعَمَلِهِمْ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ، وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ يَسْتَحِقُّهَا مِنْهُمْ مَنْ ثَبَتَ عِنْدَ أُولِي الْأَمْرِ الْحَاجَةُ إِلَى تَأْلِيفِهِ، وَالْغَارِمُونَ بِقَدْرِ مَا يُخْرِجُهُمْ مِنْ غُرْمِهِمْ، وَابْنُ السَّبِيلِ بِقَدْرِ مَا يُسَاعِدُهُ عَلَى الْعَوْدِ إِلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ، وَهَذَا فِي مَعْنَى الْفَقِيرِ، وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ فَقْرُهُ عَارِضًا بِسَبَبِ السِّيَاحَةِ وَالْقِسْمُ الثَّانِي: فَكُّ الرِّقَابِ وَتَحْرِيرُهَا، وَهِيَ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَيْسَ فِيهَا تَمْلِيكٌ لِأَشْخَاصٍ مُعَيَّنِينَ بِوَصْفٍ فِيهَا - وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَهُوَ يَشْمَلُ سَائِرَ الْمَصَالِحِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَامَّةِ الَّتِي هِيَ مِلَاكُ أَمْرِ الدِّينِ وَالدَّوْلَةِ، وَأَوَّلُهَا وَأَوْلَاهَا بِالتَّقْدِيمِ الِاسْتِعْدَادُ لِلْحَرْبِ بِشِرَاءِ السِّلَاحِ، وَأَغْذِيَةِ الْجُنْدِ، وَأَدَوَاتٍ لِنَقْلِ وَتَجْهِيزِ الْغُزَاةِ، وَتَقَدَّمَ مِثْلُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَلَكِنَّ الَّذِي يُجَهَّزُ بِهِ الْغَازِيَ يَعُودُ بَعْدَ الْحَرْبِ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ إِنْ كَانَ مِمَّا يَبْقَى كَالسِّلَاحِ وَالْخَيْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ دَائِمًا بِصِفَةِ الْغَزْوِ الَّتِي قَامَتْ بِهِ، بَلْ يَسْتَعْمِلُهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَيَبْقَى بَعْدَ زَوَالِ تِلْكَ الصِّفَةِ مِنْهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، بِخِلَافِ الْفَقِيرِ وَالْعَامِلِ عَلَيْهَا وَالْغَارِمِ وَالْمُؤَلَّفِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَإِنَّهُمْ لَا يَرُدُّونَ مَا أَخَذُوا بَعْدَ فَقْدِ الصِّفَةِ الَّتِي أَخَذُوهُ بِهَا، وَيَدْخُلُ فِي عُمُومِهِ إِنْشَاءُ الْمُسْتَشْفَيَاتِ الْعَسْكَرِيَّةِ، وَكَذَا الْخَيْرِيَّةُ الْعَامَّةُ، وَإِشْرَاعُ الطُّرُقِ وَتَعْبِيدُهَا، وَمَدُّ الْخُطُوطِ الْحَدِيدِيَّةِ الْعَسْكَرِيَّةِ لَا التِّجَارِيَّةِ، وَمِنْهَا بِنَاءُ الْبَوَارِجِ الْمُدَرَّعَةِ وَالْمَنَاطِيدِ وَالطَّيَّارَاتِ الْحَرْبِيَّةِ وَالْحُصُونِ وَالْخَنَادِقِ.
وَمِنْ أَهَمِّ مَا يُنْفَقُ فِي سَبِيلِ اللهِ فِي زَمَانِنَا هَذَا إِعْدَادُ الدُّعَاةِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَإِرْسَالُهُمْ إِلَى بِلَادِ الْكُفَّارِ مِنْ قِبَلِ جَمْعِيَّاتٍ مُنَظَّمَةٍ تَمُدُّهُمْ بِالْمَالِ الْكَافِي كَمَا يَفْعَلُهُ الْكُفَّارُ فِي نَشْرِ دِينِهِمْ، وَقَدْ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 436
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست