responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 393
وَقَالَ: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ (10: 18) .
وَإِذَا نَحْنُ انْتَقَلْنَا إِلَى طَبِيعَةِ الصُّحْبَةِ، وَمَا فِيهَا مِنَ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ، نَقُولُ: إِنَّ مَا هَذَى بِهِ الرَّوَافِضُ مِنْ صُحْبَةِ الْمُؤْمِنِ لِلْكَافِرِ وَنَحْوِهَا إِنَّمَا يَصِحُّ فِي الصُّحْبَةِ الِاتِّفَاقِيَّةِ الْعَارِضَةِ، كَصُحْبَةِ يُوسُفَ لِمَنْ كَانَ مَعَهُ فِي السِّجْنِ، وَالرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ
ضُرِبَ الْمَثَلُ بِهِمَا فِي سُورَةِ الْكَهْفِ، دُونَ صُحْبَةِ الْمَوَدَّةِ وَلَا سِيَّمَا الدَّائِمَةُ؛ وَذَلِكَ أَنَّ صُحْبَةَ الْمَوَدَّةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ لَا تَكُونُ إِلَّا بَيْنَ الْمُتَشَاكِلَيْنِ فِي الصِّفَاتِ وَالْأَفْكَارِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمْ. وَقَدْ تَعَارَفَتْ رُوحَا النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَبِي بَكْرٍ مِنْ قَبْلِ الْإِسْلَامِ فَائْتَلَفَتَا، وَزَادَهُمَا الْإِسْلَامُ تَعَارُفًا وَائْتِلَافًا، حَتَّى إِنَّهُمَا لَمْ يَفْتَرِقَا فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ، وَلَا فِي طَوْرٍ مِنَ الْأَطْوَارِ، وَقَدْ مَهَّدَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ السَّبِيلَ لِاجْتِمَاعِ قَبْرَيْهِمَا إِذْ أَرْشَدَ الْأُمَّةَ إِلَى دَفْنِهِ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا بُدَّ أَنْ تَدْفِنَ وَالِدَهَا بِجَانِبِهِ وَعُلَمَاءُ التَّرْبِيَةِ وَالْأَخْلَاقِ يَعُدُّونَ الصُّحْبَةَ وَالْمُعَاشَرَةَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ اقْتِبَاسِ كُلٍّ مِنَ الصَّاحِبَيْنِ مِنَ الْآخَرِ، فَيَحُثُّونَ عَلَى صُحْبَةِ الْأَخْيَارِ، وَيُحَذِّرُونَ مِنْ صُحْبَةِ الْأَشْرَارِ، قَالَ الشَّاعِرُ الْحَكِيمُ:
عَنِ الْمَرْءِ لَا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ ... فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارَنِ يَقْتَدِي
وَقَالَ آخَرُ:
وَقَائِلٌ كَيْفَ تَفَارَقْتُمَا ... فَقُلْتُ قَوْلًا فِيهِ إِنْصَافُ
لَمْ يَكُ مِنْ شَكْلِي فَفَارَقْتُهُ ... وَالنَّاسُ أَشْكَالٌ وَآلَافُ
206 (ثَانِيًا) أَنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا فَضِيلَةَ لِلصِّدِّيقِ الْأَكْبَرِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ فِي كَوْنِهِ مَعَ الرَّسُولِ الْأَعْظَمِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ثَانِيَ اثْنَيْنِ بِشَهَادَةِ رَبِّ الْعِزَّةِ، وَلَا فِي كَوْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَالِثُهُمَا؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ لَا فَضِيلَةَ فِيهِ بِزَعْمِكُمْ مَهْمَا تَكُنْ قِيمَةُ الْمَعْدُودِ بِذَلِكَ الْعَدَدِ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى وَبِرَسُولِهِ لَا يَقُولُونَ إِنَّ لَفْظَ " اثْنَيْنِ " أَوْ لَفْظَ " ثَانِيَ " أَوْ " ثَالِثُهُمَا "، لَهُ فَضِيلَةٌ فِي حُرُوفِهِ أَوْ تَرْكِيبِهَا أَوِ النُّطْقِ بِهِ، وَإِنَّمَا يَقُولُونَ إِنَّ الْفَضِيلَةَ لِلصِّدِّيقِ الْأَكْبَرِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ فِي الْمَعْدُودِ وَالْمُرَادُ بِلَفْظِ ثَانِيَ اثْنَيْنِ فِي الْآيَةِ وَبِلَفْظِ " مَا قَوْلُكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فِي اثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا " فِي الْحَدِيثِ، فَثَلَاثَةٌ رَبُّ الْعَالَمِينَ أَحَدُهُمْ وَسَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ ثَانِيهِمْ يَكُونُ لِأَبِي بَكْرٍ
الصِّدِّيقِ أَعْظَمُ الشَّرَفِ فِي أَنْ يَكُونَ ثَالِثَهُمْ - أَوْ كَمَا قُلْتُمْ مُتِمًّا لِلْعَدَدِ - وَيَزِيدُ هَذَا الشَّرَفَ الذَّاتِيَّ قِيمَةً أَنَّهُ لَيْسَ يَحْصُلُ مِثْلُهُ بِالْمُصَادَفَةِ، وَلَا بِالْكَسْبِ وَالسَّعْيِ، وَإِنَّمَا الَّذِي اخْتَارَهُ لَهُ هُوَ رَسُولُ اللهِ بِإِذْنِ اللهِ، وَالْمُخْبِرُ بِذَلِكَ هُوَ اللهُ وَرَسُولُهُ. وَلَوْ وَرَدَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ وَكَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ لَقُلْتُمْ فِي الثَّلَاثَةِ حِينَئِذٍ نَحْوًا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 393
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست