responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 386
عَسَاكِرَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: عَاتَبَ اللهُ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا فِي نَبِيِّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْمُعَاتَبَةِ. ثُمَّ قَرَأَ: إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ الْآيَةَ. ذَكَرَهُمَا السُّيُوطِيُّ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ - فَهَذَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ أُسْلُوبُ الْآيَةِ، وَالسِّيَاقُ مِنْ تَفْضِيلِهِ عَلَى جَمِيعِ الصَّحَابَةِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ـ بِغَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: وَالَّذِي لَا رَبَّ غَيْرُهُ لَقَدْ عُوتِبَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي نُصْرَتِهِ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: إِلَّا تَنْصُرُوهُ الْآيَةَ. خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ مِنَ الْمَعْتَبَةِ.
(الْخَامِسَةُ) أَمْرُهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَلِيًّا كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ أَنَّ يُبَلِّغَ النَّاسَ فِي مَوْسِمِ الْحَجِّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي جُمْلَةِ مَا بَلَّغَهُ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ بَرَاءَةٌ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ تَفْسِيرِ السُّورَةِ، وَفِي ذَلِكَ حِكَمٌ بَالِغَةٌ تَقْطَعُ كُلَّ وَتِينٍ مِنْ قُلُوبِ الرَّافِضَةِ، وَإِنْ لَمْ تَقْطَعْ أَلْسِنَتَهُمُ الْكَاذِبَةَ الْخَاطِئَةَ.
(السَّادِسَةُ) قَوْلُهُ تَعَالَى فِي رَسُولِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَفِيهِ: ثَانِيَ اثْنَيْنِ فَهَذَا الْقَوْلُ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِي خِطَابٍ جَمَعَ الْمُؤْمِنِينَ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَالسِّيَاقُ فِيهِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى فَضْلِ هَذَيْنِ الِاثْنَيْنِ، وَكَوْنُ الصِّدِّيقُ هُوَ الثَّانِي فِي الْمَرْتَبَةِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي كُلِّ مَا يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ لِلْهِجْرَةِ الشَّرِيفَةِ مِنَ الْفَضَائِلِ وَالْمَزَايَا.
قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ عِنْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَنْقَبَةِ، وَهِيَ كَوْنُ أَبِي بَكْرٍ ثَانِيَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الْغَارِ مَا نَصُّهُ: وَالْعُلَمَاءُ أَثْبَتُوا أَنَّهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ ثَانِيَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي أَكْثَرِ الْمَنَاصِبِ الدِّينِيَّةِ، فَإِنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَمَّا أُرْسِلَ إِلَى الْخَلْقِ، وَعَرَضَ الْإِسْلَامَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ آمَنَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ ذَهَبَ وَعَرَضَ الْإِسْلَامَ عَلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَجَمَاعَةٍ آخَرِينَ مِنْ أَجِلَةِ الصَّحَابَةِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ـ وَالْكُلُّ آمَنُوا عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ إِنَّهُ جَاءَ بِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَعْدَ أَيَّامٍ قَلَائِلَ فَكَانَ هُوَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ ثَانِيَ اثْنَيْنِ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ، وَأَيْضًا كُلَّمَا وَقَفَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي غَزْوَةٍ كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقِفُ فِي خِدْمَتِهِ وَلَا يُفَارِقُهُ فَكَانَ ثَانِيَ اثْنَيْنِ فِي مَجْلِسِهِ، وَلَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَامَ مَقَامَهُ فِي إِمَامَةِ النَّاسِ فِي الصَّلَاةِ فَكَانَ ثَانِيَ اثْنَيْنِ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ دُفِنَ بِجَنْبِهِ فَكَانَ ثَانِيَ اثْنَيْنِ هُنَاكَ أَيْضًا اهـ. وَأَخَصُّ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ كَانَ ثَانِيَهِ فِي الشُّرُوعِ فِي إِقَامَةِ الشَّرْعِ فِي دَارِ الْهِجْرَةِ فَلَمْ يَرَ الْأَنْصَارُ مَعَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَحَدًا قَبْلَهُ.
(السَّابِعَةُ) - وَهِيَ تُؤَيِّدُ مَا تَضَمَّنَهُ مَعْنَى الِاثْنَيْنِيَّةِ مِنْ رِفْعَةِ الْمَقَامِ - قَوْلُهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَهُ: " يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا " وَإِنَّهُمَا لَمَنْقَبَةٌ تَتَضَاءَلُ دُونَهَا الْمَنَاقِبُ، وَمَرْتَبَةٌ تَنْحَدِرُ عَنْ عُلْيَا سَمَائِهَا الْمَرَاتِبُ، أَكْبَرُ أَعْلَمِ رُسُلِ اللهِ بِاللهِ أَمَرَّهَا، وَهُوَ أَعْلَمُ بِقَدْرِهَا، فَإِنَّ قَوْلَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ " بِكَذَا يُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَحُومَ الظُّنُونُ أَوْ تَنْتَهِيَ الْآرَاءُ وَالْأَفْكَارُ إِلَى شَأْنٍ أَعْلَى مِنْ شَأْنِهَا، وَمَنَعَةٍ أَعَزُّ مِنْ مَنَعَتِهَا إِلَخْ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 386
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست