responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 372
أَمَّا إِنْزَالُ السَّكِينَةِ فَذُكِرَ فِي ثَلَاثِ آيَاتٍ فَقَطْ: (أَوْلَاهَا) الْآيَةُ الرَّابِعَةُ مِنْ سُورَةِ الْفَتْحِ. (وَالثَّانِيَةُ) الْآيَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ مِنْهَا، وَكَانَ نُزُولُ السُّورَةِ بَعْدَ
صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ الَّذِي فُتِنَ فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ، وَاضْطَرَبَتْ قُلُوبُهُمْ بِمَا سَاءَهُمْ مِنْ شُرُوطِهِ الَّتِي عَدُّوهَا إِهَانَةً لَهُمْ وَفَوْزًا لِلْمُشْرِكِينَ وَأَمْرُهَا مَشْهُورٌ، فَكَانَ مِنْ عِنَايَةِ اللهِ تَعَالَى بِهِمْ أَنْ ثَبَّتَ قُلُوبَهُمْ وَمَكَّنَهُمْ مِنْ فَتْحِ خَيْبَرَ وَأَنْزَلَ سُورَةَ الْفَتْحِ مُبَيِّنًا فِيهَا حُكْمَ ذَلِكَ الصُّلْحِ وَفَوَائِدِهِ، وَامْتَنَّ بِذَلِكَ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَيْهِمْ بِقَوْلِهُ: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا إِلَى قَوْلِهِ: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (48: 1 - 4) فَهَذِهِ سَكِينَةٌ خَاصَّةٌ بِالْمُؤْمِنِينَ، بَيَّنَ حِكْمَتَهَا الْعِلِيمُ الْحَكِيمُ، وَفِيهَا إِشَارَةٌ إِلَى جُنُودِ الْمَلَائِكَةِ لَا تَصْرِيحٌ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ مِنْ حُكْمِ ذَلِكَ الصُّلْحِ، وَمَا أَعْقَبَهُ مِنَ الْفَتْحِ، إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (48: 26) الْأَشْهَرُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْحَمِيَّةِ أَنَّهَا مَا أَبَاهُ الْمُشْرِكُونَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ بَدْئِهِ بِكَلِمَةِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَمِنْ وَصْفِ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِيهِ بِرَسُولِ اللهِ وَتَعَصُّبِهِمْ لِمَا كَانَ مِنْ عَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ وَهُوَ: بِاسْمِكَ اللهُمَّ، وَهَذَا مِمَّا سَاءَ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِلَا شَكٍّ، كَمَا سَاءَهُ كَرَاهَةُ جُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ الْأَعْظَمِ لِهَذَا الصُّلْحِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيُضِيعَ بِذَلِكَ صُلْحًا عَظِيمًا كَانَ أَوَّلَ فَتْحٍ لِبَابِ حُرِّيَّةِ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ فِي الْمُشْرِكِينَ، بِوَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ، فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَلْهَمَهُ قَبُولَ شُرُوطِهِمْ، وَأَنْزَلَ لَهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ أَنْ هَمُّوا بِمُعَارَضَتِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ، وَأَمَرَهُمْ بِالتَّحَلُّلِ مِنْ عُمْرَتِهِمْ فَتَلَبَّثُوا حَتَّى خَشِيَ عَلَيْهِمُ الْهَلَاكَ، اسْتَشَارَ فِي ذَلِكَ زَوْجَهُ أُمَّ سَلَمَةَ فَأَشَارَتْ عَلَيْهِ بِأَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ، وَيَأْمُرَ حَلَّاقَهُ بِحَلْقِ شَعْرِهِ، فَفَعَلَ فَاقْتَدَوْا بِهِ، بِمَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سَكِينَتِهِ.
وَالْآيَةُ (الثَّالِثَةُ) هِيَ مَا تَقَدَّمَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ فِي سِيَاقِ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ، إِذْ رَاعَ الْمُسْلِمِينَ رَشْقُ الْمُشْرِكِينَ إِيَّاهُمْ بِالنَّبْلِ، فَانْهَزَمَ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ، وَاضْطَرَبَ
جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ بِهَزِيمَتِهِمْ فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ، وَثَبَتَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي وُجُوهِ الْكُفَّارِ مَعَ عَدَدٍ قَلِيلٍ صَارَ يَكْثُرُ بِعِلْمِهِمْ بِمَوْقِفِهِ، وَقَدْ حَزِنَ قَلْبُهُ لِتَوَلِّيهِمْ ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا (26) وَمَا الْعَهْدُ بِتَفْسِيرِهَا بِبَعِيدٍ، فَهَذِهِ سَكِينَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَالْمُؤْمِنِينَ سَكَنَ بِهَا مَا عَرَضَ لَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنْ تَأْثِيرِ هَزِيمَتِهِمْ، وَسَكَنَ مَا عَرَضَ لَهُمْ مِنَ الِاضْطِرَابِ لِهَزِيمَةِ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا ذِكْرُ الْجُنُودِ الَّتِي وَصَفَهَا تَعَالَى بِقَوْلِهِ: لَمْ تَرَوْهَا فَقَدْ جَاءَ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مِنْ سُورَةِ بَرَاءَةٌ، أَيْ آيَةِ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ وَآيَةِ الْغَارِ مِنْ سِيَاقِ الْهِجْرَةِ. وَجَاءَ فِي الْكَلَامِ عَلَى

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 372
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست