responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 359
عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَإِقَامَةَ مَصَالِحِ الْمِلَّةِ وَالدَّوْلَةِ، وَخُصَّ شَهْرُ رَمَضَانَ بِوُجُوبِ صِيَامِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَأَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ مَنْ شَهْرِ
ذِي الْحِجَّةِ بِأَدَاءِ مَنَاسِكِ الْحَجِّ، وَجَعْلِ مَا قَبْلَهَا مِنْ أَوَّلِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَمَا بَعْدَهَا إِلَى آخَرِ الْمُحَرَّمِ مِنَ الْأَيَّامِ الَّتِي يُحَرَّمُ فِيهَا الْقِتَالُ; لِأَنَّ السَّفَرَ إِلَى شَعَائِرِ الْحَجِّ فِي الْحِجَازِ، وَالْعَوْدَةَ مِنْهَا تَكُونُ فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ، كَمَا حَرَّمَ مَكَّةَ وَمَا حَوْلَهَا فِي جَمِيعِ السَّنَةِ، لِتَأْمِينِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الَّتِي تُؤَدَّى فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَاحْتِرَامِ الْبَيْتِ الَّذِي أَضَافَهُ إِلَى نَفْسِهِ، وَشَرَعَ فِيهِ مِنَ الْعِبَادَةِ مَا لَا يَصِحُّ فِي غَيْرِهِ، فَكَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى قَاتِلَ أَبِيهِ فِي أَرْضِ الْحَرَمِ، وَفِي غَيْرِهَا مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، فَلَا يَعْرِضُ لَهُ بِسُوءٍ عَلَى شِدَّتِهِمْ فِي الثَّأْرِ، وَضَرَاوَتِهِمْ بِسَفْكِ الدِّمَاءِ، وَحُرِّمَ شَهْرُ رَجَبَ فِي وَسَطِ السَّنَةِ لِتَقْلِيلِ شُرُورِ الْقِتَالِ، وَتَخْفِيفِ أَوْزَارِهِ، وَلِتَسْهِيلِ السَّفَرِ لِأَدَاءِ الْعُمْرَةِ فِيهِ، وَلَوْلَا اخْتِصَاصُهُ ـ تَعَالَى ـ لِمَا شَاءَ مِنْ زَمَانٍ وَمَكَانٍ بِالْعِبَادَةِ فِيهِ، لَمَا كَانَ لِلْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ فِي نَفْسِهَا مَزِيَّةٌ فِي ذَلِكَ، وَأَهْوَاءُ النَّاسِ لَا تَتَّفِقُ عَلَى زَمَنٍ، وَلَا مَكَانٍ فَيُوَكَّلُ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ اللهُ الِاخْتِصَاصَ أَمْرًا تَعَبُّدِيًّا خَالِصًا يُفْعَلُ لِمُجَرَّدِ الِامْتِثَالِ وَالْقُرْبَةِ، كَمَا وَرَدَ فِي تَقْبِيلِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ، وَلَوْلَا أَنَّنِي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ. وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ; أَيْ قَاتِلُوهُمْ جَمِيعًا كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا، بِأَنْ تَكُونُوا فِي قِتَالِهِمْ إِلْبًا وَاحِدًا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ وَلَا يَتَخَلَّفُ عَنْهُ أَحَدٌ، كَمَا هُوَ شَأْنُهُمْ فِي قِتَالِكُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَكُمْ لِدِينِكُمْ لَا انْتِقَامًا وَلَا عَصَبِيَّةً، وَلَا لِلْكَسْبِ كَدَأْبِهِمْ فِي قِتَالِ قَوِيِّهِمْ لِضَعِيفِهِمْ، فَأَنْتُمْ أَوْلَى بِأَنْ تُقَاتِلُوهُمْ لِشِرْكِهِمْ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَهَذَا لَا يَقْتَضِي فَرْضِيَّةَ الْقِتَالِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنَ الْأَفْرَادِ إِلَّا فِي حَالِ إِعْلَانِ الْإِمَامِ لِلنَّفِيرِ الْعَامِّ، وَسَيَأْتِي فِي هَذِهِ السُّورَةِ: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي حُكْمِ الْقِتَالِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ لِلظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ وَالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ بِالشِّرْكِ وَالْمَعَاصِي، وَلِأَسْبَابِ الْخُذْلَانِ وَالْفَشَلِ فِي الْقِتَالِ كَالتَّنَازُعِ، وَتَفَرُّقِ الْكَلِمَةِ، وَمُخَالَفَةِ سُنَنِ اللهِ ـ تَعَالَى ـ فِي الِاجْتِمَاعِ الْبَشَرِيِّ، وَتَقَدَّمَ تَفْصِيلُ الْقَوْلِ فِي التَّقْوَى الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ بِالْقِتَالِ فِي مَوَاضِعِهَا مِنَ الْآيَاتِ الْمُنَاسِبَةِ لَهَا، وَالْمَعِيَّةُ هُنَا مَعِيَّةُ النَّصْرِ وَالْمَعُونَةِ وَالتَّوْفِيقِ لِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ وَالتَّقْوَى مِنْ أَسْبَابِ ذَلِكَ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 359
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست