responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 249
أَوْ مُسَاعَدَةِ مَنْ يُهَاجِمُهُمْ فِيهَا كَمَا فَعَلَ يَهُودُ الْمَدِينَةِ وَمَا حَوْلَهَا بَعْدَ تَأْمِينِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِيَّاهُمْ وَجَعَلَهُمْ حُلَفَاءَ لَهُ، وَسَمَحَ لَهُمْ بِالْحُكْمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِشَرْعِهِمْ فَوْقَ السَّمَاحِ لَهُمْ بِأُمُورِ الْعِبَادَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ [ص41 - 52 ج 10 ط الْهَيْئَةِ] وَكَمَا فَعَلَ نَصَارَى الرُّومِ فِي حُدُودِ الْبِلَادِ الْعَرَبِيَّةِ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ. وَهَذِهِ الْأُمُورُ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي أُسْنِدَ إِلَيْهِمْ تَرْكُهَا هِيَ أُصُولُ الدِّينِ الْإِلَهِيِّ عِنْدَ كُلِّ أُمَّةٍ كَمَا بَيَّنَهُ تَعَالَى فِي آيَةِ (2: 62) وَقَدْ أَمَرَ هُنَا بِقِتَالِ الَّذِينَ لَا يُقِيمُونَهَا عِنْدَمَا يَقُومُ السَّبَبُ الشَّرْعِيُّ لِقِتَالِهِمْ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ بِشَرْطِهَا فَذَكَرَ الْإِيمَانَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَوَضَعَ تَرْكَهُمْ لِتَحْرِيمِ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَتَرَكَ الْخُضُوعَ لِدِينِ الْحَقِّ فِي مَوْضِعِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ مِنْ تِلْكَ الْآيَةِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ.
وَإِنَّكَ تَرَى فِي بَعْضِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ الْمُتَدَاوَلَةِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ إِيمَانِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ إِلَخْ. وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا نَصٌّ فِي ذَلِكَ، وَغَرَضُهُمْ مِنْ هَذَا أَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ لَيْسَتْ قُيُودًا فِي شَرْعِيَّةِ قِتَالِهِمْ بَلْ هِيَ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ لَا مَفْهُومَ لَهَا، فَلَا يُقَالُ: إِنَّهُ إِذَا وَجَدَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيُحَرِّمُ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَيْهِمْ - عَلَى الْمُخْتَارِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّسُولِ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمْ رَسُولُهُمْ، وَيَدِينُ دِينَ الْحَقِّ بِاعْتِقَادِهِمْ - فَإِنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ فِي هَذَا الْحُكْمِ، وَقَالُوا: إِنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ دَلَّتْ آيَةُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ عَلَى إِقَامَتِهِمْ لِأَرْكَانِ الدِّينِ الْإِلَهِيِّ هُمُ الَّذِينَ كَانُوا مُتَّبِعِينَ لِأَنْبِيَائِهِمْ فِي زَمَانِهِمْ، أَوْ قَبْلَ تَحْرِيفِهِمْ لِكِتَابِهِمْ، وَالِابْتِدَاعِ فِي دِينِهِمْ حَتَّى الشِّرْكِ، أَوِ الَّذِينَ اتَّبَعُوا خَاتَمَ الرُّسُلِ الَّذِي نَسَخَ كِتَابُهُ الْكُتُبَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالشَّرَائِعَ الْمُخَالِفَةَ لِشَرْعِهِ بَعْدَ بِعْثَتِهِ وَبُلُوغِ دَعْوَتِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْأَقْوَالَ فِي تَفْسِيرِ تِلْكَ الْآيَةِ، وَصَرَّحَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ بِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةَ قُيُودٌ تُشْتَرَطُ فِي قِتَالِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ فَاقِدُونَ لَهَا، فَإِنْ وُجِدَ مِنْهُمْ قَوْمٌ مُتَّصِفُونَ بِهَا حَرُمَ عَلَيْنَا بَدْؤُهُمْ بِالْقِتَالِ.
فَأَمَّا الْإِيمَانُ بِاللهِ تَعَالَى، فَقَدْ شَهِدَ الْقُرْآنُ بِأَنَّ الْفَرِيقَيْنِ فَقَدُوهُ بِهَدْمِ رُكْنِهِ الْأَعْظَمِ وَهُوَ التَّوْحِيدُ، فَإِنَّهُمُ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ يُشَرِّعُونَ لَهُمُ الْعِبَادَاتِ وَالْحَلَالَ وَالْحَرَامَ فَيَتْبَعُونَهُمْ، وَذَلِكَ حَقُّ الرَّبِّ وَحْدَهُ، فَقَدْ أَشْرَكُوهُمْ بِهِ فِي الرُّبُوبِيَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَشْرَكَ فِي الْأُلُوهِيَّةِ، كَالَّذِينِ قَالُوا: عُزَيْرُ ابْنُ اللهِ، وَالَّذِينَ قَالُوا: الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ أَوْ هُوَ اللهُ، وَسَيَأْتِي هَذَا وَذَاكَ فِي هَذَا السِّيَاقِ مِنَ السُّورَةِ.
وَقَدْ تَوَسَّعَ الرَّازِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ بِأَسَالِيبِهِ الْكَلَامِيَّةِ فَقَالَ: " التَّحْقِيقُ أَنَّ أَكْثَرَ الْيَهُودِ مُشَبِّهَةٌ، وَالْمُشَبِّهُ يَزْعُمُ أَنْ لَا مَوْجُودَ إِلَّا الْجِسْمُ وَمَا يَحِلُّ فِيهِ، فَأَمَّا الْمَوْجُودُ الَّذِي لَا يَكُونُ جِسْمًا وَلَا حَالًّا فِيهِ فَهُوَ مُنْكِرٌ لَهُ، وَمَا ثَبَتَ بِالدَّلَائِلِ أَنَّ الْإِلَهَ مَوْجُودٌ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا حَالًّا فِي جِسْمٍ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُشَبِّهُ مُنْكِرًا لِوُجُودِ الْإِلَهِ، فَثَبَتَ أَنَّ الْيَهُودَ مُنْكِرُونَ لِوُجُودِ الْإِلَهِ.
" فَإِنْ قِيلَ: فَالْيَهُودُ قِسْمَانِ مِنْهُمْ مُشَبِّهَةٌ وَمِنْهُمْ مُوَحِّدَةٌ، كَمَا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَذَلِكَ، فَهَبْ أَنَّ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 249
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست