responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 164
مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا
وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا.
وَلَمَّا كَانَ لِلْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ كُلُّ هَذَا الشَّأْنِ فِي الْإِسْلَامِ كَانَ نَبْذُ عُهُودِ الْمُشْرِكِينَ مِمَّا قَدْ يَظُنُّ بَادِيَ الرَّأْيِ أَنَّهُ مُخِلٌّ بِهِ، أَوْ مِمَّا قَدْ يَظُنُّ قَلِيلُ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ وَالْجَمْعِ بَيْنَ نُصُوصِهِ بِالْفَهْمِ الصَّحِيحِ أَنَّ هَذَا النَّبْذَ نَاسِخٌ لِوُجُوبِهِ كَمَا زَعَمَ بَعْضُهُمْ، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ التَّعْظِيمَ لِلْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، وَتَأْكِيدِهِ كَانَ مُقَيَّدًا بِحَالِ ضَعْفِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا قَالَ آخَرُونَ مِثْلَ هَذَا فِي آيَاتِ الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ الْمُشْرِكِينَ، بَلْ كَانَ هَذَا النَّبْذُ مِمَّا يَفْتَحُ بَابَ الدَّسِّ أَوِ الطَّعْنِ لِلْمُنَافِقِينَ وَالتَّأْوِيلِ لِلْمُرْجِفِينَ فِي عَصْرِ التَّنْزِيلِ، وَقَدْ يَعْظُمُ عَلَى بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ وَيَخْفَى عَلَيْهِمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تِلْكَ الْآيَاتِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي هِيَ نُصُوصٌ فِي أَنَّ الْوَفَاءَ بِالْعَهْدِ مِنْ فَضَائِلِ الدِّينِ الْأَسَاسِيَّةِ - لَمَّا كَانَ كُلُّ مَا ذُكِرَ كَمَا ذَكَرَ - بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى لَنَا فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَمَا بَعْدَهُمَا كَوْنَ هَذَا النَّبْذِ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ لَا يُنَافِي وَلَا يُجَافِي شَيْئًا مِنْ تِلْكَ النُّصُوصِ الْمُحْكَمَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُعَامَلَةٌ لِلْأَعْدَاءِ بِمِثْلِ مَا عَامَلُوا بِهِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ بِدُونِهِ فَقَالَ: كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ؟ هَذَا الِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ الْمُشْرَبِ لِمَعْنَى التَّعَجُّبِ، وَالْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ رَسَخَ خُلُقُ الْوَفَاءِ فِي قُلُوبِهِمْ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ عُرْضَةً لِقَبُولِ كَلَامِ الْمُنَافِقِينَ فِي إِنْكَارِ النَّبْذِ، وَالْمَعْنَى: بِأَيَّةِ صِفَةٍ وَأَيَّةِ كَيْفِيَّةٍ يَثْبُتُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ مِنَ الْعُهُودِ عِنْدَ اللهِ يُقِرُّهُ لَهُمْ فِي كِتَابِهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَفِي لَهُمْ بِهِ وَتَفُونَ بِهِ اتِّبَاعًا لَهُ - وَحَالُهُمِ الَّذِي بَيَّنَتْهُ الْآيَةُ التَّالِيَةُ تَأْبَى ثُبُوتَ ذَلِكَ لَهُمْ؟ - إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ اسْتَثْنَى تَعَالَى هَؤُلَاءِ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ وَجْهَ انْتِفَاءِ ثُبُوتِ الْعَهْدِ لِغَيْرِهِمْ بِأَيَّةِ صِفَةٍ تَثْبُتُ بِهَا الْعُهُودُ بَيْنَ النَّاسِ، وَهُمُ الَّذِينَ اسْتَثْنَاهُمْ فِي الْآيَةِ الرَّابِعَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْخِلَافِ فِيهِمْ فِي تَفْسِيرِهَا، وَزَادَ هُنَا: عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَيْ: بِجِوَارِهِ فِي الْحُدَيْبِيَةِ، وَهُوَ مِمَّا يَقْتَضِي تَأْكِيدَ الْوَفَاءِ بِذَلِكَ الْعَهْدِ بِشُرُوطِهِ الْمُبَيَّنَةِ هُنَاكَ وَهُنَا.
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ الرِّوَايَاتِ الْمُخْتَلِفَةَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَمِنْهَا قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ - الَّذِينَ كَانُوا وَأَنْتُمْ عَلَى الْعَهْدِ الْعَامِّ، بِأَلَا تَمْنَعُوهُمْ وَلَا يَمْنَعُوكُمْ مِنَ الْحَرَمِ، وَلَا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ - عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَهِيَ قَبَائِلُ بَنِي بَكْرٍ، الَّذِينَ كَانُوا دَخَلُوا فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَعَقْدِهِمْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ إِلَى الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ، فَلَمْ يَكُنْ نَقَضَهَا إِلَّا هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ وَبَنُو الدِّيلِ مَنْ بَكْرٍ، فَأَمَرَ بِإِتْمَامِ الْعَهْدِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ نَقَضَ عَهْدَهُ مَنْ بَنِي بَكْرٍ إِلَى مُدَّتِهِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست