responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 132
وَمِنْهَا الْمُقَشْقِشَةُ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَهِيَ تُقَشْقِشُ مِنَ النِّفَاقِ، أَيْ تُبْرِئُ مِنْهُ. وَأَشْهُرُهَا الثَّابِتُ التَّوْبَةُ وَبَرَاءَةٌ، وَسَائِرُ الْأَسْمَاءِ أَلْقَابٌ لِبَيَانِ مَعَانِيهَا. وَقَدْ نَزَلَ مُعْظَمُهَا بَعْدَ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهِيَ آخِرُ غَزَوَاتِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَفِي حَالِ الِاسْتِعْدَادِ لَهَا فِي زَمَنِ الْعُسْرَةِ وَالْخُرُوجِ إِلَيْهَا فِي الْقَيْظِ، وَفِي أَثْنَائِهَا ظَهَرَ مِنْ آيَاتِ نِفَاقِ الْمُنَافِقِينَ مَا كَانَ خَفِيًّا مِنْ قَبْلُ.
وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ أَوَّلَهَا نَزَلَ سَنَةَ تِسْعٍ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِيَقْرَأَهَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي الْمَوْسِمِ كَمَا يُذْكَرُ مُفَصَّلًا فِي مَحِلِّهِ.
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ (4: 176) وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةٌ. وَهُوَ رَأْيٌ لَهُ لَا رِوَايَةً مَرْفُوعَةً، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي الْآيَةِ عَلَى أَنَّهَا آخِرُ مَا نَزَلْ فِي الْكَلَالَةِ، فَهِيَ بَعْدَ آيَاتِ الْمَوَارِيثِ، وَفِي السُّورَةِ عَلَى بَعْضِهَا أَوْ مُعْظَمِهَا. وَأَرْجَحُ مَا وَرَدَ فِي آخِرِ آيَةٍ نَزَلَتْ أَنَّهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ (2: 281) أَوْ مَا قَبْلَهَا مِنْ آيَاتِ الرِّبَا مِنْ دُونِهَا، وَالْأَرْجَحُ أَنْ يُقَالَ مَعَهَا. وَتَقَدَّمَ تَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ فِي آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ [ص88 ج 3 ط الْهَيْئَةِ] وَأَمَا آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ تَامَّةً فَالْأَرْجَحُ أَنَّهَا سُورَةُ النَّصْرِ، وَقَدْ عَاشَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَعْدَهَا أَيَّامًا قَلِيلَةً.
وَأَمَّا التَّنَاسُبُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا، فَإِنَّهُ أَظْهَرُ مِنَ التَّنَاسُبِ بَيْنَ سَائِرِ السُّوَرِ بَعْضِهَا مَعَ بَعْضٍ، فَهِيَ كَالْمُتَمِّمَةِ لِسُورَةِ الْأَنْفَالِ فِي مُعْظَمِ مَا فِيهَا مِنْ أُصُولِ الدِّينِ
وَفُرُوعِهِ، وَالسُّنَنِ الْإِلَهِيَّةِ وَالتَّشْرِيعِ - وَجُلُّهُ فِي أَحْكَامِ الْقِتَالِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الِاسْتِعْدَادِ لَهُ، وَأَسْبَابِ النَّصْرِ فِيهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الرُّوحِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ، وَأَحْكَامِ الْمُعَاهَدَاتِ وَالْمَوَاثِيقِ مِنْ حِفْظِهَا وَنَبْذِهَا عِنْدَ وُجُودِ الْمُقْتَضِي لَهُ، وَأَحْكَامِ الْوِلَايَةِ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ، وَالْكَافِرِينَ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ، كَذَا أَحْوَالُ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ وَالْكُفَّارِ وَالْمُذَبْذَبِينَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَمَرْضَى الْقُلُوبِ، فَمَا بَدَأَ بِهِ فِي الْأُولَى أَتَمَّ فِي الثَّانِيَةِ. وَلَوْلَا أَنَّ أَمْرَ الْقُرْآنِ فِي سُوَرِهِ وَمَقَادِيرِهَا مَوْقُوفٌ عَلَى النَّصِّ لَكَانَ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مُؤَيِّدًا مِنْ جِهَةِ الْمَعَانِي لِمَنْ قَالَ إِنَّهُمَا سُورَةٌ وَاحِدَةٌ، كَمَا يُؤَيِّدُهُ مِنْ نَاحِيَةِ تَرْتِيبِ السُّوَرِ بِحَسَبِ طُولِهَا وَقِصَرِهَا، وَتَوَالِي السَّبْعِ الطُّوَالِ مِنْهَا، وَيَلِيهَا الْمِئُونَ وَالْأَنْفَالُ دُونَهَا.
مِثَالُ ذَلِكَ (1) أَنَّ الْعُهُودَ ذُكِرَتْ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ، وَافْتُتِحَتْ سُورَةُ التَّوْبَةِ بِتَفْصِيلِ الْكَلَامِ فِيهَا، وَلَا سِيَّمَا نَبْذُهَا الَّذِي قُيِّدَ فِي الْأُولَى بِخَوْفِ خِيَانَةِ الْأَعْدَاءِ.
(2) تَفْصِيلُ الْكَلَامِ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَهْلِ الْكِتَابِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا.
(3) ذُكِرَ فِي الْأُولَى صَدُّ الْمُشْرِكِينَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَوْلِيَائِهِ: إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ (8: 34) أَيْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَاءَ فِي الثَّانِيَةِ: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ (9: 17) إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 132
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست