responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 127
وَفَاتَنَا أَنْ نَذْكُرَ مِنْ أَمْثِلَةِ نَقْضِ عُهُودِ الْأَعْدَاءِ فَهُوَ مِنْ أَهَمِّ الْأَمَانَاتِ فَذَكَرْنَاهُ فِيمَا يَلِي (الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ) نَبْذُ الْعَهْدِ بِشَرْطِهِ إِذَا خِيفَ مِنَ الْعَدُوِّ الْمُعَاهِدِ لَنَا أَنْ يَخُونَ فِي عَهْدِهِ، وَظَهَرَتْ آيَةُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَمَلِهِ، فَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَنْبِذَ إِلَيْهِ عَهْدَهُ عَلَى طَرِيقٍ عَادِلٍ سَوِيٍّ صَرِيحٍ لَا خِدَاعَ فِيهِ وَلَا خِيَانَةَ. وَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) ، وَهَذَا مِنَ الْفَضَائِلِ الَّتِي يَمْتَازُ بِهَا التَّشْرِيعُ الْإِسْلَامِيُّ عَلَى جَمِيعِ شَرَائِعِ الْأُمَمِ وَقَوَانِينِهَا. رَاجِعْ تَفْسِيرَ الْآيَةِ وَبَعْضَ الشَّوَاهِدِ عَلَى أَخْذِ مُسْلِمِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ بِهَا عَمَلًا بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَهَدْيِ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِيهَا بِأَوَّلِ هَذَا الْجُزْءِ.
(الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ) وُجُوبُ مُعَامَلَةِ نَاقِضِي الْعَهْدِ بِالشِّدَّةِ الَّتِي يَكُونُونَ بِهَا عِبْرَةً وَنَكَالًا لِغَيْرِهِمْ، تَمْنَعُهُمْ مِنَ الْجُرْأَةِ وَالْإِقْدَامِ عَلَى مِثْلِ خِيَانَتِهِمْ بِنَقْضِهِمْ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِيمَنْ نَقَضُوا عَهْدَ رَسُولِهِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَكَانُوا مِنَ الْيَهُودِ: فَإِمَّا
تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) فَرَاجِعْ تَفْسِيرَهَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْجُزْءِ ثُمَّ رَاجِعْ مَا كَانَ مِنْ مُعَاهَدَةِ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِلْيَهُودِ، وَنَقْضِهِمْ لَهَا وَعَاقِبَةِ ذَلِكَ فِيهِمْ بِأَوَّلِ هَذَا الْجُزْءِ.
وَمِنْهُ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ تَعَالِيمِ الْإِسْلَامِ الْجَامِعَةِ بَيْنَ الْحَزْمِ وَالْعَدْلِ، وَالشِّدَّةِ وَالْفَضْلِ، وَبَيْنَ مَا عَلَيْهِ دُوَلُ الْمَدَنِيَّةِ الْإِفْرِنْجِيَّةِ مِنَ الْقَسْوَةِ وَالظُّلْمِ.
(فَإِنْ قِيلَ) : إِنَّ اتِّبَاعَ الْمُسْلِمِينَ وَحْدَهُمْ لِهَذِهِ الْفَضَائِلِ فِي الْحَرْبِ يُمَكِّنُ أَعْدَاءَهُمْ مِنْ خِيَانَتِهِمْ، وَالظُّهُورِ عَلَيْهِمْ بِعَدَمِ الْتِزَامِهِمْ لَهَا. قُلْنَا: إِنَّ أَعْدَاءَهُمْ فِي الْعُصُورِ الْأُولَى كَانُوا أَبْعَدَ مِنْ أَعْدَائِهِمْ فِي هَذَا الْعَصْرِ عَنْ هَذِهِ الْفَضَائِلِ، إِذْ لَمْ يَكُونُوا مُقَيَّدِينَ فِي الْحَرْبِ بِنِظَامٍ مِثْلِ قَوَانِينِهَا الْحَاضِرَةِ، الَّتِي تُرَاعَى وَيُحْتَجُّ بِهَا، فَإِنَّ الْقَوِيَّ يَتْرُكُهَا تَأَوُّلًا، وَكَانَ تَفَوُّقُهُمْ بِالْقُوَّةِ وَالْكَثْرَةِ عَظِيمًا، وَقَدْ غَلَبَهُمُ الْمُسْلِمُونَ، وَإِنَّمَا غَلَبُوهُمْ بِهَذِهِ الْفَضَائِلِ وَأَمْثَالِهَا.
(الْقَاعِدَةُ الْعَاشِرَةُ) جَعْلُ الْغَايَةِ مِنَ الْقِتَالِ الدِّينِيِّ حُرِّيَّةُ الدِّينِ وَمَنْعُ فُتُونِ أَحَدٍ وَاضْطِهَادِهِ، لِأَجْلِ إِرْجَاعِهِ عَنْ دِينِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) وَقَدْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَضْطَهِدُونَ الْمُسْلِمِينَ بِكُلِّ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنَ الْإِيذَاءِ وَالتَّعْذِيبِ لِأَجْلِ دِينِهِمْ. وَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَلَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، وَمَنْ عَسَاهُ شَذَّ عَنْ ذَلِكَ فَقَدْ خَالَفَ دِينَ الْإِسْلَامِ الَّذِي حَرَّمَ الْفِتْنَةَ وَحَرَّمَ الْإِكْرَاهَ فِي الدِّينِ، وَشَرَعَ فِيهِ الِاخْتِيَارَ [رَاجِعْ ص463 و464 وَتَفْسِيرَ الْآيَةِ فِي ص552 وَمَا بَعْدَهَا ج 9 ط الْهَيْئَةِ] وَتَجِدُ فِي هَذَا الْبَحْثِ حُكْمَ الْقِتَالِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي حَالِ الْفِتْنَةِ كَحَرْبِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ.
(الْقَاعِدَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) كَوْنُ الثَّبَاتِ فِي الْقِتَالِ مِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ الْمَعْنَوِيَّةِ، الَّتِي يَحْصُلُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 127
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست