responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 333
(28: 7) وَقَالَ: (شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا) (6: 112) وَقَالَ الشَّاعِرُ:
رَأْسُ الْغَوَايَةِ فِي الْعَقْلِ السَّقِيمِ ... فَمَا فِيهِ فَأَكْثَرُهُ وَحْيُ الشَّيَاطِينِ
وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَجْهًا آخَرَ فِي تَفْسِيرِ (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) ، وَنَقَلَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَهُوَ أَنَّ (مَا) نَافِيَةٌ، أَيْ: إِنَّ الْيَهُودَ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَيَرْتَقُونَ بِسَنَدِهِ إِلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ، وَمَا أُنْزِلَ السِّحْرُ عَلَى الْمَلَكَيْنِ، فَكَيْفَ كَانُوا يُعَلِّمُونَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ وَقَدْ ضَعَّفُوهُ بِأَنَّ الثَّابِتَ فِي الْوَاقِعِ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ، وَقَدْ أَجَازَ هَذَا التَّضْعِيفَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ نَفْيُ الْإِنْزَالِ خَاصَّةً، أَيْ أَنَّ ذَلِكَ السِّحْرَ الَّذِي يَنْسُبُونَهُ إِلَى الْمَلَكَيْنِ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِمَا إِنْزَالًا مِنَ اللهِ فَيَنْظِمُهُ الْيَهُودُ فِي سِلْكِ الْعُلُومِ الْمَحْمُودَةِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ حَقٌّ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ افْتَجَرَاهُ وَاخْتَرَعَاهُ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمَا.
ثُمَّ قَالَ: (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ) أَيْ إِنَّ مَا عِنْدَنَا هُوَ أَمْرٌ يَبْتَلِي بِهِ اللهُ النَّاسَ وَيَخْتَبِرُهُمْ فَلَا تَتَعَلَّمْ مَا هُوَ كُفْرٌ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَّمَاهُ. هَذَا مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ فِي الدَّرْسِ. وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: وَمَا يُعَلِّمَانِ أَحَدًا حَتَّى يَنْصَحَاهُ وَيَقُولَا لَهُ: إِنَّمَا نَحْنُ ابْتِلَاءٌ مِنَ اللهِ، فَمَنْ تَعَلَّمَ مِنَّا وَعَمِلَ بِهِ كَفَرَ، وَمَنْ تَعَلَّمَ وَتَوقَّى عَمَلَهُ ثَبَتَ عَلَى الْإِيْمَانِ، فَلَا تَكْفُرْ بِاعْتِقَادِ جَوَازِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَعَلُّمَ السِّحْرِ وَمَا لَا يَجُوزُ اتِّبَاعُهُ غَيْرُ مَحْظُورٍ، وَإِنَّمَا الْمَنْعُ مِنِ اتِّبَاعِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ اهـ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: إِنَّمَا نَحْنُ أُولُو فِتْنَةٍ نَبْلُوكَ وَنَخْتَبِرُكَ أَتَشْكُرُ أَمْ تَكْفُرُ؟ وَنَنْصَحُ لَكَ أَلَّا تَكْفُرَ. وَلَعَلَّهُمَا يَقُولَانِ هَذَا لِلْمُحَافَظَةِ
عَلَى حُسْنِ اعْتِقَادِ النَّاسِ بِفَضْلِهِمَا إِذْ كَانُوا يَقُولُونَ هُمَا مَلَكَانِ. وَإِنَّنَا نَسْمَعُ الدَّجَاجِلَةَ الَّذِينَ يَنْتَحِلُونَ مِثْلَ هَذَا وَيُوهِمُونَ النَّاسَ أَنَّهُمْ رُوحَانِيُّونَ، يَقُولُونَ لِمَنْ يُعَلِّمُونَهُمُ الْكِتَابَةَ لِلْمَحَبَّةِ وَلِلْبُغْضِ: نُوصِيكَ بِأَلَّا تَكْتُبَ هَذَا لِجَلْبِ امْرَأَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ إِلَى حُبِّ رَجُلٍ غَيْرِ زَوْجِهَا، وَلَا تَكْتُبَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِأَنْ يَبْغَضَ الْآخَرَ، وَأَنْ تَخُصَّ هَذِهِ الْفَوَائِدَ بِالْمَصْلَحَةِ كَالْحُبِّ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْعَاشِقِينَ الْفَاسِقِينَ، وَإِنَّمَا يَقُولُونَ هَذَا لِيُوهِمُوا النَّاسَ أَنَّ عُلُومَهُمْ إِلَهِيَّةٌ، وَأَنَّ صِنَاعَتَهُمْ رُوحَانِيَّةٌ، وَأَنَّهُمْ صَحِيحُو النِّيَّةِ. وَقَدْ كَانَ الْيَهُودُ يُسْنِدُونَ سِحْرَهُمْ إِلَى مَلَكَيْنِ بِبَابِلَ، وَنَرَى دَجَاجِلَةَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمَغَارِبَةِ وَغَيْرِهِمْ يُسْنِدُونَ خُزَعْبَلَاتِهِمْ إِلَى " دَانْيَالَ النَّبِيِّ "، وَهَذَا الْمَعْنَى يَصِحُّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ قَوْلَهُ: (وَمَا أُنْزِلَ) نَفِيٌ بِحَسَبِ تَوْجِيهِنَا السَّابِقِ. وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: إِنَّ مَعْنَاهُ عَلَى وَجْهِ النَّفْيِ: إِنَّمَا نَحْنُ مَفْتُونُونَ، فَلَا تَكُنْ مِثْلَنَا.
قَالَ - تَعَالَى -: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) ، صِيغَةُ الْمُضَارِعِ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ وَمَا قَبْلَهَا لِتَصْوِيرِ مَا كَانَ كَأَنَّهُ كَائِنٌ، فَالْكَلَامُ تَصْوِيرٌ لِلْقِصَّةِ لَا حُكْمٌ بِمَضْمُونِهَا، أَيْ أَنَّهُمْ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 333
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست