responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 218
فَيُشَابِهُ عِلْمُهُ عِلْمَ اللهِ - تَعَالَى -، وَكُلَّمَا أُوتِيَ نَصِيبًا مِنْهُ ظَهَرَ لَهُ مِنْ جَهْلِهِ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ، وَكُلَّمَا أُعْطِيَ حَظًّا مِنَ الْأَدَبِ وَالْعَقْلِ ظَهَرَ لَهُ ضَعْفُ عَقْلِهِ، وَلِلَّهِ دَرُّ الشَّافِعِيِّ حَيْثُ قَالَ:
كُلَّمَا أَدَّبَنِي الدَّهْـ ... ـرُ أَرَانِي نَقْصَ عَقْلِي
وَإِذَا مَا ازْدَدْتُ عِلْمًا
زَادَنِي عِلْمًا بِجَهْلِي
فَهُوَ عَلَى سِعَةِ عِلْمِهِ لَمْ يُؤْتَ مِنَ الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ إِلَّا قَلِيلًا، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ أَوْسَعُ مَظَاهِرِ الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ، وَلِذَلِكَ أَجَابَ اللهُ الْمَلَائِكَةَ بِالْعِلْمِ (قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) فَأَثْبَتَ لِذَاتِهِ الْعِلْمَ بِحِكْمَةِ هَذِهِ الْخِلَافَةِ وَنَفَاهُ عَنْهُمْ، ثُمَّ أَظْهَرَ لَهُمْ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَكُونُ خَلِيفَةً بِالْعِلْمِ وَمَا يَتْبَعُهُ فَقَالَ:
(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ)
تَقَدَّمَ فِي بَيَانِ مَعْنَى الْخَلِيفَةِ أَنَّ عِلْمَ الْمَلَائِكَةِ وَعَمَلَهُمْ مَحْدُودَانِ، وَأَنَّ عِلْمَ
الْإِنْسَانِ وَعَمَلَهُ غَيْرُ مَحْدُودَيْنِ، وَبِهَذِهِ الْخَاصَّةِ الَّتِي فَطَرَ اللهُ النَّاسَ عَلَيْهَا كَانَ الْإِنْسَانُ أَجْدَرَ بِالْخِلَافَةِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَهَذِهِ هِيَ حُجَّةُ اللهِ الْبَالِغَةُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الَّتِي بَيَّنَهَا لَهُمْ بَعْدَ مَا نَبَّهَهُمْ إِلَى عِلْمِهِ الْمُحِيطِ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ فَقَالَ: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا) أَيْ أَوْدَعَ فِي نَفْسِهِ عِلْمَ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَلَا تَعْيِينٍ، فَالْمُرَادُ بِالْأَسْمَاءِ الْمُسَمَّيَاتُ، عَبَّرَ عَنِ الْمَدْلُولِ بِالدَّلِيلِ لِشِدَّةِ الصِّلَةِ بَيْنَ الْمَعْنَى وَاللَّفْظِ الْمَوْضُوعِ لَهُ، وَسُرْعَةِ الِانْتِقَالِ مِنْ أَحَدِهِمَا إِلَى الْآخَرِ. وَالْعِلْمُ الْحَقِيقِيُّ: إِنَّمَا هُوَ إِدْرَاكُ الْمَعْلُومَاتِ أَنْفُسِهَا، وَالْأَلْفَاظُ الدَّالَّةُ عَلَيْهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ اللُّغَاتِ الَّتِي تَجْرِي بِالْمُوَاضَعَةِ وَالِاصْطِلَاحِ، فَهِيَ تَتَغَيَّرُ وَتَخْتَلِفُ وَالْمَعْنَى لَا تَغْيِيرَ فِيهِ وَلَا اخْتِلَافَ.
قَالَ الْأُسْتَاذُ: ثُمَّ إِنَّ الِاسْمَ قَدْ يُطْلَقُ إِطْلَاقًا صَحِيحًا عَلَى مَا يَصِلُ إِلَى الذِّهْنِ مِنَ الْمَعْلُومِ، أَيْ صُورَةِ الْمَعْلُومِ فِي الذِّهْنِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى: مَا بِهِ يُعْلَمُ الشَّيْءُ عِنْدَ الْعَالِمِ، فَاسْمُ اللهِ مَثَلًا هُوَ مَا بِهِ عَرَفْنَاهُ فِي أَذْهَانِنَا بِحَيْثُ يُقَالُ: إِنَّنَا نُؤْمِنُ بِوُجُودِهِ وَنُسْنِدُ إِلَيْهِ صِفَاتِهِ، فَالْأَسْمَاءُ هِيَ مَا بِهِ نَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ، وَهِيَ الْعُلُومُ الْمُطَابِقَةُ لِلْحَقَائِقِ. وَالِاسْمُ بِهَذَا الْإِطْلَاقِ هُوَ الَّذِي جَرَى

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست