responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 188
وَهُمُ الرُّسُلُ مِنْ أُفُقٍ أَعْلَى مِنْ عَقْلِهِ وَحَوَاسِّهِ، فَكَانَتْ أُسْتَاذًا مُرْشِدًا لَهُ فِيهِمَا لِكَيْلَا يَسْتَعْمِلَهُمَا فِيمَا يَضُرُّهُ فِي سِيرَتِهِ الشَّخْصِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَهَادِيًا لَهُ إِلَى السَّعَادَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ أَكْمَلُ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ الَّتِي أَوْحَاهَا اللهُ إِلَى رُسُلِهِ لِيُبَلِّغُوهَا خَلْقَهُ، أَكْمَلُهَا هِدَايَةً وَإِرْشَادًا، وَأَصَحُّهَا تَارِيخًا وَإِسْنَادًا، وَلِذَلِكَ كَانَ خَاتِمَةً لَهَا، وَكَانَ آيَةً دَائِمَةً وَمُعْجِزَةً ثَابِتَةً بِأُسْلُوبِ عِبَارَتِهِ وَبِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِمَّا مَرَّتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ، وَلَكِنْ مَا طَرَأَ عَلَى دُوَلِ خِلَافَتِهِ الْعَرَبِيَّةِ مِنَ الضَّعْفِ وَالِانْحِلَالِ صَدَّ النَّاسَ عَنْهُ، وَسَيَرْجِعُونَ إِلَى إِحْيَاءِ لُغَتِهِ، وَتَعْمِيمِ دَعْوَتِهِ فَيُنْقِذُ اللهُ بِهِ الْعَالَمَ مِنْ مَصَائِبِهِ الْمَادِّيَّةِ الَّتِي أَوْشَكَتْ أَنْ تُؤَدِّيَ بِهِ (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) (38: 88) .
خَاتِمَةُ الْبَحْثِ فِيمَنْ عَارَضُوا الْقُرْآنَ:
نَخْتِمُ هَذَا الْبَحْثَ بِكَلِمَةٍ فِيمَنْ حَاوَلُوا مُعَارَضَةَ الْقُرْآنِ، وَقَدْ كَانَ مِنْ دَأْبِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ إِحْصَاءُ كُلِّ مَا يَبْلُغُهُمْ فِي الدِّينِ وَالْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَتَدْوِينُهُ وَعَزْوُهُ
إِلَى أَهْلِهِ، حَتَّى إِنَّ دُعَاةَ النَّصْرَانِيَّةِ يَقْرَءُونَ كُتُبَ عُلَمَائِنَا وَيَنْقُلُونَ مِنْهَا كُلَّ طَعْنٍ فِي الْإِسْلَامِ وَيُؤَيِّدُونَهُ، وَيَكْتُمُونَ رَدَّ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ أَوْ يَذْكُرُونَ مِنْهُ مَا يَرَوْنَهُ ضَعِيفًا وَيُورِدُونَهُ مَوْرِدَ الْهُزْءِ وَالسُّخْرِيَةِ لِتَنْفِيرِ ضُعَفَاءِ الْعِلْمِ أَوِ الْعَقْلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَنْهُ.
وَقَدْ أَجْمَعَ رُوَاةُ الْآثَارِ وَالتَّارِيخِ عَلَى أَنَّ فَحَوْلَ الْبُلَغَاءِ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ لَمْ تَسْمُ نَفْسُ أَحَدٍ مِنْهُمْ إِلَى مُعَارَضَةِ الْقُرْآنِ مَعَ شِدَّةِ حِرْصِهِمْ عَلَى صَدِّ النَّاسِ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَعَنِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا تَقَدَّمَ - اللهُمَّ إِلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ نَقَلَ عَنْ (مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ) أَنَّهُ عَارَضَ سُورَةَ (الْكَوْثَرِ) وَهِيَ أَقْصَرُ سُورَةٍ مِنْهُ لِيُثْبِتَ لَدَى غَوْغَائِهِ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ كَمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ كَمَا فِي التَّفْسِيرِ الْكَبِيرِ لِلرَّازِيِّ وَغَيْرِهِ:
" إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْجُمَاهِرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَهَاجِرْ، إِنَّ مُبْغِضَكَ رَجُلٌ كَافِرٌ ".
وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهَذَا بَعْضُ دُعَاةِ النَّصْرَانِيَّةِ فِي رِسَالَةٍ لَهُ فِي الطَّعْنِ عَلَى إِعْجَازِ الْقُرْآنِ وَلَكِنَّهُ أَوْرَدَهَا بِأَلْفَاظٍ أُخْرَى، وَزَعَمَ أَنَّهَا فَصِيحَةٌ مُتَنَاسِبَةُ الْمَعْنَى، بَعْدَ أَنْ طَعَنَ فِي سُورَةِ (الْكَوْثَرِ) وَزَعَمَ أَنَّهُ سَأَلَ عُلَمَاءَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ بَلَاغَتِهَا وَإِعْجَازِهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ (وَهُوَ هُوَ الَّذِي نَقَلْنَا عَنْهُ مُعَارَضَةُ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ ص65 وَهَذِهِ عِبَارَاتُهُ أَوْ رِوَايَتُهُ:
" إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْجَوَاهِرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَجَاهِرْ، وَلَا تَعْتَمِدْ قَوْلَ سَاحِرٍ ".
وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا التَّغْيِيرَ جَاءَ مِنْ جَاهِلٍ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْفَصِيحَةِ، وَلَا سِيَّمَا لُغَةُ ذَلِكَ الْعَصْرِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ سَخِيفُ الْعَقْلِ، فَمِنْ سُخْفِ عَقْلِهِ إِتْيَانُهُ بِكَلِمَةِ الْجَوَاهِرِ هُنَا وَتَرْتِيبُ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ عَلَى إِعْطَائِهَا، وَفَرَضَ هَذَا وَحْيًا (لِمُسَيْلِمَةَ) الْمُدَّعِي لِلنُّبُوَّةِ، مَعَ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ نَقْلٌ بِأَنَّ اللهَ أَعْطَاهُ جَوَاهِرَ مَعْرُوفَةً تُذْكَرُ بِلَامِ التَّعْرِيفِ، وَلَا غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، فَتُذْكَرُ بِلَامِ الْجِنْسِ، ثُمَّ إِنَّهُ لَا مُنَاسَبَةَ لِلْأَمْرِ بِالْمُجَاهَرَةِ بِالصَّلَاةِ هُنَا وَهِيَ الْمُشَارَكَةُ فِي جَهْرِ الشَّيْءِ أَوِ الْجَهْرِ بِالْقَوْلِ،

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست