فى تدرج حكيم يتنقل من الإباحة التامة رويدا رويدا إلى الحظر الكلى، مارّا بكل المراتب المتوسطة بينهما اهـ ببعض تصرف.
الإيضاح
(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ) يقال لمن يتصرف في شىء من مال غيره، أكله وهضمه أي إنه تصرف فيه تمام التصرف، فلا سبيل إلى رده كما لا سبيل إلى رد المأكول.
والمراد أن حال المرابين في الدنيا كالمتخبطين في أعمالهم بسبب الصرع والجنون، إذ أنهم لما فتنوا بحب المال واستعبدتهم زينته، ضريت نفوسهم بجمعه، وجعلوه مقصودا لذاته، وتركوا لأجله جميع موارد الكسب الأخرى، فخرجت نفوسهم عن حدّ الاعتدال الذي عليه أكثر الناس، وترى أكثر ذلك ظاهرا في حركاتهم وتقلبهم فى أعمالهم فالمولعون بأعمال (البورصة) والمغرمون بالقمار يزداد فيهم النشاط والانهماك فى الأعمال، وترى فيهم خفة تعقبها حركات غير منتظمة. والعرب تقول لمن يسرع ويأتي بحركات مختلفة على غير نظام قد جنّ.
وجمهور المفسرين على أن المراد بالقيام القيام من القبور حين البعث، وأن الله جعل من علامة المرابين يوم القيامة أنهم يبعثون كالمصروعين، ورووا ذلك عن ابن عباس وابن مسعود.
وروى الطبراني حديث عوف بن مالك مرفوعا: «إياك والذنوب التي لا تغفر، الغلول- الخيانة في مغنم وغيره- فمن غلّ شيئا أتي به يوم القيامة، والربا فمن أكل الربا بعث يوم القيامة مجنونا يتخبط» .
وتخبط الشيطان للإنسان من زعمات العرب، إذ يزعمون أنه يخبط الإنسان فيصرع، فورد القرآن على ما يعتقدون، وكذلك يعتقدون أن الجنى يمسّ الإنسان