(وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) أي وانتظروا بنا ما تتمنّونه من انتهاء أمرنا إما بموت أو غيره مما تحدّثون به أنفسكم كما حكى الله عنهم فى قوله: «أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ» إنا منتظرون أن ينزل بكم مثل ما نزل بأمثالكم من عقابه تعالى بعذاب من عنده أو بأيدى المؤمنين، وأن يكفل لنا النصر والغلبة وتكون كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا السفلى، والله عزيز حكيم، وقد أنجز وعده ونصر رسوله وأيده، ونظير الآية قوله تعالى: «فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ» .
(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي إنه سبحانه يعلم كل ما هو غائب عن علمك أيها الرسول وعن علمهم، مما هو فى السموات والأرض، وهو المالك المتصرف فيه، وهو العالم بكل ما سيقع فيهما والعالم بوقته الذي يقع فيه.
(وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) فأمرك وأمرهم لا محالة راجع إليه، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
(فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) أي وإذا كان أمر كل شىء يرجع إليه فاعبده بإخلاص الدين له وحده، وادع إلى طاعته واتباع أمره بالحكمة والموعظة الحسنة، وتوكل عليه فيما لا يدخل فى مكنتك واستطاعتك مما ليس لك سبيل إلى الحصول عليه، إذ لا يدخل تحت كسبك ولا تناله يدك. والتوكل لا يجدى نفعا بغير العبادة والأخذ بالأسباب المستطاعة، وبدون ذلك يكون من التمني الكاذب، والعبادة لا تكمل إلا بالتوكل إذ به يكمل التوحيد والإخلاص له تعالى.
روى أحمد والترمذي وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأمانى» .
وخلاصة ذلك- امتثل ما أمرت به وداوم على التبليغ والدعوة وتوكل عليه فى سائر أمورك ولا تبال بالذين لا يؤمنون ولا يضيق صدرك بهم.