responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 9  صفحه : 89
الدَّرَاهِمَ، ثُمَّ أُمِرَ أَنْ يُرَدَّ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَقْطَعَ يَدَكَ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَكُنْ تَقَدَّمْتُ فِي ذَلِكَ قَبْلَ الْيَوْمِ، وَقَدْ تَقَدَّمْتُ فِي ذَلِكَ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَقْطَعْ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: أَمَّا أَدَبُهُ بِالسَّوْطِ فَلَا كَلَامَ فِيهِ، وَأَمَّا حَلْقُهُ فَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ، وَقَدْ كُنْتُ أَيَّامَ الْحُكْمِ [بَيْنَ النَّاسِ] [1] أَضْرِبُ وَأَحْلِقُ، وَإِنَّمَا كُنْتُ أَفْعَلُ ذَلِكَ بِمَنْ يَرَى شَعْرَهُ عَوْنًا لَهُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، وَطَرِيقًا إِلَى التَّجَمُّلِ بِهِ فِي الْفَسَادِ، وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي كُلِّ طَرِيقٍ لِلْمَعْصِيَةِ، أَنْ يُقْطَعَ إِذَا كَانَ غَيْرَ مُؤَثِّرٍ فِي الْبَدَنِ، وَأَمَّا قَطْعُ يَدِهِ فَإِنَّمَا أَخَذَ ذَلِكَ عُمَرُ مِنْ فَصْلِ السَّرِقَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ قَرْضَ الدَّرَاهِمِ غَيْرُ كَسْرِهَا، فَإِنَّ الْكَسْرَ إِفْسَادُ الْوَصْفِ، وَالْقَرْضَ تَنْقِيصٌ لِلْقَدْرِ، فَهُوَ أَخْذُ مَالٍ عَلَى جِهَةِ الِاخْتِفَاءِ، فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ الْحِرْزُ أَصْلًا فِي الْقَطْعِ؟ قُلْنَا: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ يَرَى أَنَّ تَهْيِئَتَهَا لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْخَلْقِ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا حِرْزٌ لَهَا، وَحِرْزُ كُلِّ شي عَلَى قَدْرِ حَالِهِ، وَقَدْ أَنْفَذَ ذَلِكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَقَطَعَ يَدَ رَجُلٍ فِي قَطْعِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ. وَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ خَوَاتِيمُ اللَّهِ عَلَيْهَا اسْمُهُ، وَلَوْ قُطِعَ عَلَى قَوْلِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ مَنْ كَسَرَ خَاتَمًا لِلَّهِ كَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ، أَوْ مَنْ كَسَرَ خَاتَمَ سُلْطَانٍ عَلَيْهِ اسْمُهُ أُدِّبَ، وَخَاتَمُ اللَّهِ تُقْضَى بِهِ الْحَوَائِجُ فَلَا يَسْتَوِيَانِ فِي الْعُقُوبَةِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَأَرَى أَنْ يُقْطَعَ فِي قَرْضِهَا دُونَ كَسْرِهَا، وَقَدْ كُنْتُ أَفْعَلُ ذَلِكَ أَيَّامَ تَوْلِيَتِي الْحُكْمَ، إِلَّا أَنِّي كُنْتُ مَحْفُوفًا بِالْجُهَّالِ، فَلَمْ أَجْبُنْ [2] بِسَبَبِ الْمَقَالِ لِلْحَسَدَةِ الضُّلَّالِ فَمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ يَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ فَلْيَفْعَلْهُ احْتِسَابًا لِلَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) تقدم (وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً) أَيْ وَاسِعًا حَلَالًا، وَكَانَ شُعَيْبٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَثِيرَ الْمَالِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ. الْهُدَى وَالتَّوْفِيقَ، وَالْعِلْمَ وَالْمَعْرِفَةَ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ، أَيْ أَفَلَا أَنْهَاكُمْ عَنِ الضَّلَالِ! وَقِيلَ: الْمَعْنَى" أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي" أَتَّبِعُ الضُّلَّالَ؟ وَقِيلَ: الْمَعْنَى" أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي" أَتَأْمُرُونَنِي [3] بِالْعِصْيَانِ فِي الْبَخْسِ وَالتَّطْفِيفِ، وَقَدْ أَغْنَانِي اللَّهُ [عَنْهُ] [4]. (وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِ" أُرِيدُ". (إِلى مَا أَنْهاكُمْ عَنْهُ) أَيْ لَيْسَ أَنْهَاكُمْ عَنْ شي وَأَرْتَكِبُهُ كَمَا لَا أَتْرُكُ مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ. (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ)

[1] من ع وى.
[2] من ع وفي ز وو وى: أحب.
[3] في ع: أفتأمرونني.
[4] من ع وى.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 9  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست