responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 9  صفحه : 78
" قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ" وَبَعُدَ أَلَّا تَكُونَ هَذِهِ الْخَاصِّيَّةُ. فَوَجْهُ الْكَلَامِ أَنَّهُ لَيْسَ، لَنَا إِلَى بَنَاتِكَ تَعَلُّقٌ، وَلَا هُنَّ قَصْدُنَا، وَلَا لَنَا عَادَةٌ نَطْلُبُ ذَلِكَ. (وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ) إِشَارَةٌ إِلَى الْأَضْيَافِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً) لَمَّا رَأَى اسْتِمْرَارَهُمْ فِي غَيِّهِمْ، وَضَعُفَ عَنْهُمْ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهِمْ، تَمَنَّى لَوْ وَجَدَ عَوْنًا عَلَى رَدِّهِمْ، فَقَالَ عَلَى جِهَةِ التَّفَجُّعِ وَالِاسْتِكَانَةِ.:" لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً" أَيْ أَنْصَارًا وَأَعْوَانًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرَادَ الْوَلَدَ. وَ" أَنَّ" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، تَقْدِيرُهُ: لَوِ اتَّفَقَ أَوْ وَقَعَ. وَهَذَا يَطَّرِدُ فِي" أَنَّ" التَّابِعَةَ لِ" لَوْ". وَجَوَابُ" لَوْ" مَحْذُوفٌ، أَيْ لَرَدَدْتُ أَهْلَ الْفَسَادِ، وَحُلْتُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يُرِيدُونَ. (أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) أَيْ أَلْجَأُ وَأَنْضَوِي. وقرى" أَوْ آوِيَ" بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى" قُوَّةً" كَأَنَّهُ قَالَ:" لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً" أَوْ إِيوَاءً إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، أَيْ وَأَنْ آوِيَ، فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ" أَنْ". وَمُرَادُ لُوطٍ بِالرُّكْنِ الْعَشِيرَةُ، وَالْمَنَعَةُ بِالْكَثْرَةِ. وَبَلَغَ بِهِمْ قَبِيحُ فِعْلِهِمْ إِلَى قَوْلِهِ هَذَا مَعَ عِلْمِهِ بِمَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، فَيُرْوَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ وَجِدَتْ عَلَيْهِ حِينَ قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ، وَقَالُوا: إِنَّ رُكْنَكَ لَشَدِيدٌ. وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:" يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ" الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي" الْبَقَرَةِ" [1]. وَخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَزَادَ" مَا بَعَثَ اللَّهُ بَعْدَهُ نَبِيًّا إِلَّا فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ". قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: وَالثَّرْوَةُ الْكَثْرَةُ وَالْمَنَعَةُ، حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَيُرْوَى أَنَّ لُوطًا عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا غَلَبَهُ قَوْمُهُ، وَهَمُّوا بِكَسْرِ الْبَابِ وَهُوَ يُمْسِكُهُ، قَالَتْ لَهُ الرُّسُلُ: تَنَحَّ عَنِ الْبَابِ، فَتَنَحَّى وَانْفَتَحَ الْبَابُ، فَضَرَبَهُمْ جِبْرِيلُ بِجَنَاحِهِ فَطَمَسَ أَعْيُنَهُمْ، وَعَمُوا وَانْصَرَفُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ يَقُولُونَ: النَّجَاءَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ" [2] [القمر: 37]. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَهْلُ التَّفْسِيرِ: أَغْلَقَ لُوطٌ بَابَهُ وَالْمَلَائِكَةُ مَعَهُ فِي الدَّارِ، وَهُوَ يُنَاظِرُ قَوْمَهُ وَيُنَاشِدُهُمْ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ، وَهُمْ يُعَالِجُونَ تَسَوُّرَ الْجِدَارِ، فَلَمَّا رَأَتِ الْمَلَائِكَةُ مَا لَقِيَ مِنَ الْجَهْدِ وَالْكَرْبِ وَالنَّصَبِ بِسَبَبِهِمْ، قَالُوا: يَا لُوطُ إِنَّ رُكْنَكَ لَشَدِيدٌ، وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غير مردود،

[1] راجع ج 3 ص 298.
[2] راجع ج 17 ص 143.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 9  صفحه : 78
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست