responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 9  صفحه : 39
ظَنَّ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ: (وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ) وَسَيَأْتِي. وَكَانَ هَذَا النِّدَاءُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَسْتَيْقِنَ الْقَوْمُ الْغَرَقَ، وَقَبْلَ رُؤْيَةِ الْيَأْسِ، بَلْ كَانَ فِي أَوَّلِ مَا فَارَ التَّنُّورُ، وَظَهَرَتِ الْعَلَامَةُ لِنُوحٍ. وَقَرَأَ عَاصِمٌ:" يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا" بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَالْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا. وَأَصْلُ" يَا بُنَيَّ" أَنْ تَكُونَ بِثَلَاثِ يَاءَاتٍ، يَاءُ التَّصْغِيرِ، وَيَاءُ الْفِعْلِ، وَيَاءُ الْإِضَافَةِ، فَأُدْغِمَتْ يَاءُ التَّصْغِيرِ فِي لَامِ الْفِعْلِ، وَكُسِرَتْ لَامُ الْفِعْلِ مِنْ أَجْلِ يَاءِ الْإِضَافَةِ، وَحُذِفَتْ يَاءُ الْإِضَافَةِ لِوُقُوعِهَا مَوْقِعَ التَّنْوِينِ، أَوْ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الرَّاءِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، هَذَا أَصْلُ قِرَاءَةِ مَنْ كَسَرَ الْيَاءَ، وَهُوَ أَيْضًا أَصْلُ قِرَاءَةِ مَنْ فَتَحَ، لِأَنَّهُ قَلَبَ يَاءَ الْإِضَافَةِ أَلِفًا لِخِفَّةِ الْأَلِفِ، ثُمَّ حَذَفَ الْأَلِفَ لِكَوْنِهَا عِوَضًا مِنْ حَرْفٍ يُحْذَفُ، أَوْ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الرَّاءِ. قَالَ النَّحَّاسُ: أَمَّا قِرَاءَةُ عَاصِمٍ فَمُشْكِلَةٌ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُرِيدُ يَا بُنَيَّاهُ ثُمَّ يُحْذَفُ، قَالَ النَّحَّاسُ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ سُلَيْمَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الْأَلِفَ خَفِيفَةٌ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ النَّحْوِيِّينَ جَوَّزَ الْكَلَامَ فِي هَذَا إِلَّا أَبَا إِسْحَاقَ، فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ الْفَتْحَ مِنْ جِهَتَيْنِ، وَالْكَسْرَ مِنْ جِهَتَيْنِ، فَالْفَتْحُ عَلَى أَنَّهُ يُبْدَلُ مِنَ الْيَاءِ أَلِفًا، قال الله عز وجل إخبارا:" يا وَيْلَتى " [1] [هود: 72] وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
فَيَا عَجَبًا مِنْ رَحْلِهَا المتحمل

فيريد يا بنيا، ثم تحذف الْأَلِفَ، لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، كَمَا تَقُولُ: جَاءَنِي عَبْدَا اللَّهِ فِي التَّثْنِيَةِ. وَالْجِهَةُ الْأُخْرَى أَنْ تَحْذِفَ الْأَلِفَ، لِأَنَّ النِّدَاءَ مَوْضِعُ حَذْفٍ. وَالْكَسْرُ عَلَى أَنْ تُحْذَفَ الْيَاءُ لِلنِّدَاءِ. وَالْجِهَةُ الْأُخْرَى عَلَى أَنْ تَحْذِفَهَا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالَ سَآوِي) أَيْ أَرْجِعُ وَأَنْضَمُّ. (إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي) أَيْ يَمْنَعُنِي (مِنَ الْماءِ) فَلَا أَغْرَقُ. (قالَ لَا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) أَيْ لَا مَانِعَ، فَإِنَّهُ يَوْمٌ حَقَّ فِيهِ الْعَذَابُ عَلَى الْكُفَّارِ. وَانْتَصَبَ" عاصِمَ" عَلَى التَّبْرِئَةِ وَيَجُوزُ" لَا عاصِمَ الْيَوْمَ" تَكُونُ لَا بِمَعْنَى لَيْسَ. (إِلَّا مَنْ رَحِمَ) فِي مَوْضِعِ نَصْبِ اسْتِثْنَاءً لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ، أَيْ لَكِنْ مَنْ رَحِمَهُ الله فهو يعصمه، قال الزَّجَّاجُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، عَلَى أَنَّ عَاصِمًا بِمَعْنَى مَعْصُومٍ، مِثْلُ:" ماءٍ دافِقٍ" [2] [الطارق: 6] أَيْ مَدْفُوقٌ، فَالِاسْتِثْنَاءُ. عَلَى هَذَا مُتَّصِلٌ، قَالَ الشاعر:

[1] راجع ص 69 من هذا الجزء.
[2] راجع ج 20 ص 4.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 9  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست