responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 9  صفحه : 256
كَانُوا صِغَارًا فِي وَقْتِ أَخْذِهِمْ لِيُوسُفَ، غَيْرَ أَنْبِيَاءَ، لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِالْجَهْلِ إِلَّا مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتُهُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَسُنَتْ حَالُهُمُ الْآنَ، أَيْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ إِذْ أَنْتُمْ صِغَارٌ جُهَّالٌ، قَالَ مَعْنَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ، وَيَكُونُ قَوْلُهُمْ:" وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ" عَلَى هَذَا، لِأَنَّهُمْ كَبِرُوا وَلَمْ يُخْبِرُوا أَبَاهُمْ بِمَا فَعَلُوا حياء وخوفا منه. وقيل: جاهلون بما تؤول إِلَيْهِ الْعَاقِبَةُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ) لَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا:" مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ" فَخَضَعُوا لَهُ وَتَوَاضَعُوا رَقَّ لَهُمْ، وَعَرَّفَهُمْ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ:" هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ" فتنبهوا فقالوا:" أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ" قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ. وَقِيلَ: إِنَّ يُوسُفَ تَبَسَّمَ فَشَبَّهُوهُ بِيُوسُفَ وَاسْتَفْهَمُوا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا قَالَ لَهُمْ:" هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ" الْآيَةَ، ثُمَّ تَبَسَّمَ يُوسُفُ- وَكَانَ إِذَا تَبَسَّمَ كَأَنَّ ثَنَايَاهُ اللُّؤْلُؤُ الْمَنْظُومُ- فَشَبَّهُوهُ بيوسف، فقالوا له على جهة الاستفهام:" أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ". وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: أَنَّ إِخْوَتَهُ لَمْ يَعْرِفُوهُ حَتَّى وَضَعَ التَّاجَ عَنْهُ، وَكَانَ فِي قَرْنِهِ عَلَامَةٌ، وَكَانَ لِيَعْقُوبَ مِثْلُهَا شَبَهُ الشَّامَةِ، فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ:" هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ" رَفَعَ التَّاجَ عَنْهُ فَعَرَفُوهُ، فقالوا:" أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ". وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَتَبَ يَعْقُوبُ إِلَيْهِ يَطْلُبُ رَدَّ ابْنِهِ، وَفِي الْكِتَابِ: مِنْ يَعْقُوبَ صَفِيِّ اللَّهِ ابْنِ إِسْحَاقَ ذَبِيحِ اللَّهِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ إِلَى عَزِيزِ مِصْرَ- أَمَّا بَعْدُ- فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتِ بَلَاءٍ وَمِحَنٍ، ابْتَلَى اللَّهُ جَدِّي إِبْرَاهِيمَ بِنُمْرُوذَ وَنَارِهِ، ثُمَّ ابْتَلَى أَبِي إِسْحَاقَ بِالذَّبْحِ، ثُمَّ ابْتَلَانِي بِوَلَدٍ كَانَ لِي أَحَبُّ أَوْلَادِي إِلَيَّ حَتَّى كُفَّ بَصَرِي مِنَ الْبُكَاءِ، وَإِنِّي لَمْ أَسْرِقْ وَلَمْ أَلِدْ سَارِقًا وَالسَّلَامُ. فَلَمَّا قَرَأَ يُوسُفُ الْكِتَابَ ارْتَعَدَتْ مَفَاصِلُهُ، وَاقْشَعَرَّ جِلْدُهُ، وَأَرْخَى عَيْنَيْهِ بِالْبُكَاءِ، وَعِيلَ صَبْرُهُ فَبَاحَ بِالسِّرِّ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ" إِنَّكَ" عَلَى الْخَبَرِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ القراءة استفهاما كقوله:" وَتِلْكَ نِعْمَةٌ" [1] [الشعراء: 22]. (قالَ أَنَا يُوسُفُ) أَيْ أَنَا الْمَظْلُومُ وَالْمُرَادُ قَتْلُهُ، وَلَمْ يَقُلْ أَنَا هُوَ تَعْظِيمًا لِلْقِصَّةِ. (قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا) أَيْ بِالنَّجَاةِ وَالْمُلْكِ. (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ) أَيْ يَتَّقِ اللَّهَ وَيَصْبِرْ عَلَى الْمَصَائِبِ، وَعَنِ الْمَعَاصِي. (فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) أَيِ الصَّابِرِينَ فِي بَلَائِهِ، الْقَائِمِينَ بِطَاعَتِهِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ:" إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِي" بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ، وَالْقِرَاءَةُ بِهَا جَائِزَةٌ على أن تجعل

[1] راجع ج 13 ص 93. [ ..... ]
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 9  صفحه : 256
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست