responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 9  صفحه : 219
الْمُخْصِبَةِ، فَجَعَلَ أَهْلُ مِصْرَ يَبْتَاعُونَ الطَّعَامَ مِنْ يُوسُفَ، فَبَاعَهُمْ أَوَّلَ سَنَةٍ بِالنُّقُودِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِمِصْرَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ إِلَّا قَبَضَهُ، وَبَاعَهُمْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ بِالْحُلِيِّ وَالْجَوَاهِرِ، حَتَّى لم يبق في أيدي الناس منها شي، وَبَاعَهُمْ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ بِالْمَوَاشِي وَالدَّوَابِّ، حَتَّى احْتَوَى عَلَيْهَا أَجْمَعَ، وَبَاعَهُمْ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ بِالْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ، حَتَّى احْتَوَى عَلَى الْكُلِّ، وَبَاعَهُمْ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ بِالْعَقَارِ وَالضَّيَاعِ، حَتَّى مَلَكَهَا كُلَّهَا، وَبَاعَهُمْ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ بِأَوْلَادِهِمْ وَنِسَائِهِمْ فَاسْتَرَقَّهُمْ جَمِيعًا وَبَاعَهُمْ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ بِرِقَابِهِمْ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ [فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ] [1] بِمِصْرَ حُرٌّ وَلَا عَبْدٌ إِلَّا صَارَ عَبْدًا لَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: وَاللَّهُ مَا رَأَيْنَا مَلِكًا أَجَلَّ وَلَا أَعْظَمَ مِنْ هَذَا، فَقَالَ يُوسُفُ لِمَلِكِ مِصْرَ: كَيْفَ رَأَيْتَ صُنْعَ رَبِّي فِيمَا خَوَّلَنِي! وَالْآنَ كُلُّ هَذَا لَكَ، فَمَا تَرَى فِيهِ؟ فَقَالَ: فَوَّضْتُ إِلَيْكَ الْأَمْرَ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ، وَإِنَّمَا نَحْنُ لَكَ تَبَعٌ، وَمَا أَنَا بِالَّذِي يَسْتَنْكِفُ عَنْ عِبَادَتِكَ وَطَاعَتِكَ، وَلَا أَنَا إِلَّا مِنْ بَعْضِ مَمَالِيكِكَ، وَخَوَلٌ مِنْ خَوَلِكَ، فَقَالَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنِّي لَمْ أُعْتِقْهُمْ مِنَ الْجُوعِ لِأَسْتَعْبِدَهُمْ، وَلَمْ أُجِرْهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ لِأَكُونَ عَلَيْهِمْ بَلَاءً، وَإِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَأُشْهِدُكَ أَنِّي أَعْتَقْتُ أَهْلَ مِصْرَ عَنْ آخِرِهِمْ، وَرَدَدْتُ عَلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَأَمْلَاكَهُمْ، وَرَدَدْتُ عَلَيْكَ مُلْكَكَ بِشَرْطِ أَنْ تَسْتَنَّ بِسُنَّتِي. وَيُرْوَى أَنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ لَا يَشْبَعُ مِنْ طَعَامٍ فِي تِلْكَ السِّنِينَ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَجُوعُ وَبِيَدِكَ خَزَائِنُ الْأَرْضِ؟ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ إِنْ شَبِعْتُ أَنْ أَنْسَى الْجَائِعَ، وَأَمَرَ يُوسُفُ طَبَّاخَ الْمَلِكِ أَنْ يَجْعَلَ غِذَاءَهُ نِصْفَ النَّهَارِ، حَتَّى يَذُوقَ الْمَلِكُ طَعْمَ الْجُوعِ. فَلَا يَنْسَى الْجَائِعِينَ، فَمِنْ ثَمَّ جَعَلَ الْمُلُوكُ غِذَاءَهُمْ نِصْفَ النَّهَارِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ) أَيْ بِإِحْسَانِنَا، وَالرَّحْمَةُ النِّعْمَةُ وَالْإِحْسَانُ. (وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) أَيْ ثَوَابَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَوَهْبٌ: يَعْنِي الصَّابِرِينَ، لِصَبْرِهِ فِي الْجُبِّ، وَفِي الرِّقِّ، وَفِي السِّجْنِ، وَصَبْرِهِ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ عَمَّا دَعَتْهُ إِلَيْهِ الْمَرْأَةُ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَاخْتُلِفَ فِيمَا أُوتِيَهُ يُوسُفُ مِنْ هَذِهِ الْحَالِ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا- أَنَّهُ ثَوَابٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا ابْتَلَاهُ. الثَّانِي- أَنَّهُ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ تَفَضُّلًا مِنْهُ عَلَيْهِ، وَثَوَابُهُ بَاقٍ عَلَى
حَالِهِ فِي الْآخِرَةِ.

[1] من ع.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 9  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست