responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 6  صفحه : 63
فَيُقَالُ] لَهُ [[1]: إِنَّهُ كَانَ نَاقِصًا عَمَّا كَانَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ مُلْحِقُهُ بِهِ وَضَامُّهُ إِلَيْهِ، كَالرَّجُلِ يُبَلِّغُهُ اللَّهُ مِائَةَ سَنَةٍ فَيُقَالُ: أَكْمَلَ اللَّهُ عُمُرَهُ، وَلَا يَجِبُ عَنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عُمُرُهُ حِينَ كَانَ ابْنَ سِتِّينَ كَانَ نَاقِصًا نَقْصَ قُصُورٍ وَخَلَلٍ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: (مَنْ عَمَّرَهُ اللَّهُ سِتِّينَ سَنَةً فَقَدْ أَعْذَرَ إِلَيْهِ فِي الْعُمُرِ). وَلَكِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِنُقْصَانٍ مُقَيَّدٍ فَيُقَالُ: كَانَ نَاقِصًا عَمَّا كَانَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ مُبَلِّغُهُ إِيَّاهُ وَمُعَمِّرُهُ إِلَيْهِ. وَقَدْ بَلَغَ اللَّهُ بِالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَلَوْ قِيلَ عِنْدَ ذَلِكَ أَكْمَلَهَا لَكَانَ الْكَلَامُ صَحِيحًا، وَلَا يَجِبُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ حِينَ كَانَتْ رَكْعَتَيْنِ نَاقِصَةً نَقْصَ قُصُورٍ وَخَلَلٍ، وَلَوْ قِيلَ: كَانَتْ نَاقِصَةً عَمَّا عِنْدَ اللَّهِ أَنَّهُ ضَامُّهُ إِلَيْهَا وَزَائِدُهُ عَلَيْهَا لَكَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا فَهَكَذَا، هَذَا فِي شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَمَا كَانَ شُرِعَ مِنْهَا شَيْئًا فَشَيْئًا إِلَى أَنْ أَنْهَى اللَّهُ الدِّينَ مُنْتَهَاهُ الَّذِي كَانَ لَهُ عِنْدَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ:" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ" أَنَّهُ وَفَّقَهُمْ لِلْحَجِّ الَّذِي لَمْ يَكُنْ بَقِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَرْكَانِ الدِّينِ غَيْرُهُ، فَحَجُّوا، فَاسْتَجْمَعَ لَهُمُ الدِّينُ أَدَاءً لِأَرْكَانِهِ وَقِيَامًا بِفَرَائِضِهِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ) الْحَدِيثَ. وَقَدْ كَانُوا تَشَهَّدُوا وَصَلُّوا وَزَكُّوا وَصَامُوا وَجَاهَدُوا وَاعْتَمَرُوا وَلَمْ يَكُونُوا حَجُّوا، فَلَمَّا حَجُّوا ذَلِكَ الْيَوْمَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُمْ بِالْمَوْقِفِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي" فَإِنَّمَا أَرَادَ أَكْمَلَ وَضْعَهُ لَهُمْ وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الطَّاعَاتِ كُلَّهَا دِينٌ وَإِيمَانٌ وَإِسْلَامٌ. الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً" أَيْ أَعْلَمْتُكُمْ بِرِضَايَ بِهِ لَكُمْ دِينًا، فَإِنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ رَاضِيًا بِالْإِسْلَامِ لَنَا دِينًا، فَلَا يَكُونُ لِاخْتِصَاصِ الرِّضَا بِذَلِكَ الْيَوْمِ فَائِدَةٌ إِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ. وَ" دِيناً" نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَإِنْ شِئْتَ عَلَى مَفْعُولٍ ثَانٍ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَرَضِيتُ عَنْكُمْ إِذَا انْقَدْتُمْ [2] لِيَ بِالدِّينِ الَّذِي شَرَعْتُهُ لَكُمْ. وَيَحْتَمِلُ أن يريد" رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً" أَيْ وَرَضِيَتُ إِسْلَامَكُمُ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ الْيَوْمَ دِينًا بَاقِيًا بِكَمَالِهِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ [3] لَا أَنْسَخُ مِنْهُ شَيْئًا. وَاللَّهُ أعلم. و" الْإِسْلامَ" فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تعالى:

[1] من ك.
[2] في ك: أقررتم.
[3] في كل الأصول: إلى آخر الآية. والصواب ما في البحر لابي حيان: إلى آخر الأبد لا ينسخ منه شي.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 6  صفحه : 63
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست