responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 6  صفحه : 55
الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ- وَيُسْتَحَبُّ أَلَّا يَذْبَحَ إِلَّا مَنْ تُرْضَى حَالُهُ، وَكُلُّ مَنْ أَطَاقَهُ وَجَاءَ بِهِ عَلَى سُنَّتِهِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَالِغٍ أَوْ غَيْرِ بَالِغٍ جَازَ ذَبْحُهُ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا، وَذَبْحُ الْمُسْلِمِ أَفْضَلُ مِنْ ذَبْحِ الْكِتَابِيِّ، وَلَا يَذْبَحُ نُسُكًا إِلَّا مُسْلِمٌ، فَإِنْ ذَبَحَ النُّسُكَ كِتَابِيٌّ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ فِي تَحْصِيلِ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ أَجَازَهُ أَشْهَبُ. الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ- وَمَا اسْتَوْحَشَ مِنَ الْإِنْسِيِّ لَمْ يَجُزْ فِي ذَكَاتِهِ إِلَّا مَا يَجُوزُ فِي ذَكَاةِ الْإِنْسِيِّ، فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَرَبِيعَةَ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَكَذَلِكَ الْمُتَرَدِّيُ فِي الْبِئْرِ لَا تَكُونُ الذَّكَاةُ فِيهِ إِلَّا فِيمَا بَيْنَ الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ عَلَى سُنَّةِ الذَّكَاةِ. وَقَدْ خَالَفَ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَتَمَامُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: (فَمُدَى الْحَبَشَةِ) قَالَ: وَأَصَبْنَا نَهْبَ إِبِلٍ وَغَنَمٍ فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ لِهَذِهِ الْإِبِلِ أَوَابِدَ «1»
كَأَوَابِدَ الْوَحْشِ فَإِذَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا شي فَافْعَلُوا بِهِ هَكَذَا- وَفِي رِوَايَةٍ- فَكُلُوهُ). وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: تَسْلِيطُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ ذَكَاةٌ، وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي الْعُشَرَاءِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا تَكُونُ الذَّكَاةُ إِلَّا فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ؟ قَالَ: (لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِهَا لَأَجْزَأَ عَنْكَ). قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَعْجَبَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَرَوَاهُ عَنْ «2»
أَبِي دَاوُدَ، وَأَشَارَ عَلَى مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْحُفَّاظِ أَنْ يَكْتُبَهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَا يَصْلُحُ هَذَا إِلَّا فِي الْمُتَرَدِّيَةِ وَالْمُسْتَوْحِشِ. وَقَدْ حَمَلَ ابْنُ حَبِيبٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مَا سَقَطَ فِي مَهْوَاةٍ فَلَا يُوصَلُ إِلَى ذَكَاتِهِ إِلَّا بِالطَّعْنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الذَّكَاةِ، وَهُوَ قَوْلٌ انْفَرَدَ بِهِ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَظْهَرُ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ، وَأَنَّهُ يُؤْكَلُ بِمَا يُؤْكَلُ بِهِ الْوَحْشِيُّ، لِحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ لَمَّا كَانَ الْوَحْشِيُّ إِذَا قُدِرَ عَلَيْهِ لَمْ يَحِلَّ إِلَّا بِمَا يَحِلُّ بِهِ الْإِنْسِيُّ، لِأَنَّهُ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي فِي الْقِيَاسِ إِذَا تَوَحَّشَ أَوْ صَارَ فِي مَعْنَى الْوَحْشِيِّ مِنِ الِامْتِنَاعِ أَنْ يَحِلَّ بِمَا يَحِلُّ بِهِ الْوَحْشِيُّ.

(1). الأوابد (جمع آبده): وهي التي قد توحشت ونفرت من الإنسي.
(2). في ز: رواه أبو داود. لكن في التهذيب: قال أبو داود سمعه منى أحمد بن حنبل.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 6  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست