responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 6  صفحه : 365
وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ يَسْتَطِيعُ، فَالْمَعْنَى: هَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ؟ وَهَلْ يُجِيبُنِي إِلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَقَدْ كَانُوا عَالِمِينَ بِاسْتِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِذَلِكَ وَلِغَيْرِهِ عِلْمَ دَلَالَةٍ وَخَبَرٍ وَنَظَرٍ فَأَرَادُوا عِلْمَ مُعَايَنَةٍ كَذَلِكَ، كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى "] البقرة: 260] عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَدْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلِمَ لِذَلِكَ عِلْمَ خَبَرٍ وَنَظَرٍ، وَلَكِنْ أَرَادَ الْمُعَايَنَةَ الَّتِي لَا يَدْخُلُهَا رَيْبٌ وَلَا شُبْهَةٌ، لِأَنَّ عِلْمَ النَّظَرِ وَالْخَبَرِ قَدْ تَدْخُلُهُ الشُّبْهَةُ وَالِاعْتِرَاضَاتُ، وعلم المعاينة لا يدخله شي مِنْ ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ:" وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا" كما قال إبراهيم:" وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي" [1]] البقرة: 260] قُلْتُ: وَهَذَا تَأْوِيلٌ حَسَنٌ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ قَوْلِ مَنْ كَانَ مَعَ الْحَوَارِيِّينَ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَقَدْ أَدْخَلَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمُسْتَطِيعَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَالَ: لَمْ يَرِدْ بِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ اسْمًا وَقَدْ وَرَدَ فِعْلًا، وَذَكَرَ قَوْلَ الْحَوَارِيِّينَ:" هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ". وَرَدَّهُ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَصَّارِ فِي كِتَابِ شَرْحِ السُّنَّةِ لَهُ وَغَيْرُهُ، قَالَ ابْنُ الْحَصَّارِ: وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ مُخْبِرًا عَنْ الْحَوَارِيِّينَ لِعِيسَى:" هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ" لَيْسَ بِشَكٍّ فِي الِاسْتِطَاعَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَلَطُّفٌ فِي السُّؤَالِ، وَأَدَبٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى، إِذْ لَيْسَ كُلُّ مُمْكِنٍ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ وُقُوعُهُ وَلَا [2] لِكُلِّ أَحَدٍ، وَالْحَوَارِيُّونَ هُمْ [3] كَانُوا خِيرَةَ مَنْ آمَنَ بِعِيسَى، فَكَيْفَ يُظَنُّ بِهِمُ الْجَهْلُ بِاقْتِدَارِ اللَّهِ تَعَالَى على كله شي مُمْكِنٍ؟! وَأَمَّا قِرَاءَةُ" التَّاءِ" فَقِيلَ: الْمَعْنَى هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَسْأَلَ رَبَّكَ هَذَا قَوْلُ عَائِشَةَ وَمُجَاهِدٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ الْقَوْمُ أَعْلَمَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَنْ يَقُولُوا" هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ"] قَالَتْ: [4]] وَلَكِنْ" هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ". وَرُوِيَ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ الْحَوَارِيُّونَ لَا يَشُكُّونَ أَنَّ اللَّهَ يَقْدِرُ عَلَى إِنْزَالِ مَائِدَةٍ وَلَكِنْ قَالُوا:" هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ" وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: أَقْرَأَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ" قَالَ مُعَاذٌ: وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِرَارًا يَقْرَأُ بِالتَّاءِ" هَلْ تَسْطِيعُ رَبَّكَ" وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى هَلْ تَسْتَدْعِي طَاعَةَ رَبِّكَ فِيمَا تَسْأَلُهُ. وَقِيلَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَدْعُوَ رَبَّكَ أَوْ تَسْأَلَهُ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ مَحْذُوفٍ كَمَا قال:"

[1] راجع ج 3 ص 297.
[2] في ع: وقوعه لكل. إلخ. [ ..... ]
[3] في هـ: هم هم كانوا.
[4] من ب وج وك وع.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 6  صفحه : 365
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست