responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 6  صفحه : 326
الثَّالِثَةُ- وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ، وَالْمُرَادُ الْأَشْهُرُ الثَّلَاثَةُ [1] بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْعَرَبِ، فَقَرَّرَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ حُرْمَتَهَا، فَكَانُوا لَا يُرَوِّعُونَ فِيهَا سِرْبًا- أَيْ نَفْسًا- وَلَا يَطْلُبُونَ فِيهَا دَمًا وَلَا يَتَوَقَّعُونَ فِيهَا ثَأْرًا، حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى قَاتِلَ أَبِيهِ وَابْنِهِ وَأَخِيهِ فَلَا يُؤْذِيهِ. وَاقْتَطَعُوا فِيهَا ثُلُثَ الزَّمَانِ. وَوَصَلُوا مِنْهَا ثَلَاثَةً مُتَوَالِيَةً، فُسْحَةً وَرَاحَةً وَمَجَالًا لِلسِّيَاحَةِ فِي الْأَمْنِ وَالِاسْتِرَاحَةِ، وَجَعَلُوا مِنْهَا وَاحِدًا مُنْفَرِدًا فِي نِصْفِ الْعَامِ دَرْكًا لِلِاحْتِرَامِ، وَهُوَ شَهْرُ رَجَبٍ الْأَصَمِّ وَيُسَمَّى مُضَرَ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ:] رَجَبُ [[2] الْأَصَمُّ، لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُسْمَعُ فِيهِ صَوْتُ الْحَدِيدِ، وَيُسَمَّى مُنْصِلُ الْأَسِنَّةِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَنْزِعُونَ فِيهِ الْأَسِنَّةَ مِنَ الرِّمَاحِ، وَهُوَ شَهْرُ قُرَيْشٍ، وَلَهُ يَقُولُ عَوْفُ ابن الْأَحْوَصِ:
وَشَهْرُ بَنِي أُمَيَّةَ وَالْهَدَايَا ... إِذَا سِيقَتْ مُضَرِّجَهَا الدِّمَاءُ
وَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرَ اللَّهِ، أَيْ شَهْرَ آلِ اللَّهِ، وكان يقال لأهله الْحَرَمِ: آلُ اللَّهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ شَهْرَ اللَّهِ، لِأَنَّ اللَّهَ مَتَّنَهُ [3] وَشَدَّدَهُ إِذْ كَانَ كَثِيرٌ مِنَ الْعَرَبِ لَا يَرَاهُ. وَسَيَأْتِي فِي" بَرَاءَةٌ" [4] أَسْمَاءُ الشُّهُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. ثُمَّ يَسَّرَ لَهُمُ الْإِلْهَامَ، وَشَرَعَ [5] عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ الْكِرَامِ الْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ، وَهِيَ: الرَّابِعَةُ- فَكَانُوا إِذَا أَخَذُوا بَعِيرًا أَشْعَرُوهُ دَمًا، أَوْ عَلَّقُوا عَلَيْهِ نَعْلًا، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ مِنَ التَّقْلِيدِ- عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَوَّلَ السُّورَةِ- لَمْ يُرَوِّعْهُ أَحَدٌ حَيْثُ لَقِيَهُ، وَكَانَ الْفَيْصَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ طَلَبَهُ أَوْ ظَلَمَهُ حَتَّى جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ وَبَيَّنَ الْحَقَّ بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَانْتَظَمَ الدِّينُ فِي سِلْكِهِ، وَعَادَ الْحَقُّ إِلَى نِصَابِهِ، فَأُسْنِدَتِ الْإِمَامَةُ إِلَيْهِ، وَانْبَنَى وُجُوبُهَا عَلَى الْخَلْقِ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ" [6]] النور: 55] الْآيَةَ. وَقَدْ مَضَى فِي" الْبَقَرَةِ" [7] أَحْكَامُ الْإِمَامَةِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهَا. الْخَامِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذلِكَ لِتَعْلَمُوا) " ذلِكَ" إِشَارَةً إِلَى جَعْلِ اللَّهِ هَذِهِ الْأُمُورَ قِيَامًا، وَالْمَعْنَى فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أن الله يعلم تفاصيل أمور السموات وَالْأَرْضِ، وَيَعْلَمُ مَصَالِحَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ قَبْلُ وَبَعْدُ، فانظروا لطفه بالعباد على حال كفرهم.

[1] كذا في الأصول وصوابه: الاربعة.
[2] من ب وج وك وهـ وع.
[3] في ب وج وك وهـ وز: سنه.
[4] راجع ج 8 ص 132 فما بعدها.
[5] في ب وج وك وهـ وز: أو شرعا. أي يسر إلهاما أو شرعا. إلخ. [ ..... ]
[6] راجع ج 12 ص 297.
[7] راجع ج 1 ص 263 فما بعدها.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 6  صفحه : 326
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست