responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 6  صفحه : 310
الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ- مَا يُجْزَى مِنَ الصَّيْدِ شَيْئَانِ: دَوَابٌّ وَطَيْرٌ، فَيُجْزَى مَا كَانَ مِنَ الدَّوَابِّ بِنَظِيرِهِ فِي الْخِلْقَةِ وَالصُّورَةِ، فَفِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ، وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ وَبَقَرَةِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ، وَفِي الظَّبْيِ شَاةٌ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَأَقَلُّ مَا يَجْزِي عِنْدَ مَالِكٍ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَكَانَ أُضْحِيَّةً، وَذَلِكَ كَالْجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ وَالثَّنِيِّ مِمَّا سِوَاهُ، وَمَا لَمْ يَبْلُغْ جَزَاؤُهُ ذَلِكَ فَفِيهِ إِطْعَامٌ أَوْ صِيَامٌ. وَفِي الْحَمَامِ كُلِّهُ قِيمَتُهُ إِلَّا حَمَامَ مَكَّةَ، فَإِنَّ فِي الْحَمَامَةِ مِنْهُ شَاةً اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ فِي ذَلِكَ. وَالدُّبْسِيُّ [1] وَالْفَوَاخِتُ وَالْقُمْرِيُّ وَذَوَاتُ الْأَطْوَاقِ كُلُّهُ حَمَامٌ. وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ فِي حَمَامِ مَكَّةَ وَفِرَاخِهَا شَاةً، قَالَ: وَكَذَلِكَ حَمَامُ الْحَرَمِ، قَالَ: وَفِي حَمَامِ الْحِلِّ حُكُومَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْمِثْلُ فِي الْقِيمَةِ دُونَ الْخِلْقَةِ، فَيُقَوَّمُ الصَّيْدُ دَرَاهِمَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي قَتَلَهُ فِيهِ، أَوْ فِي أَقْرَبِ مَوْضِعٍ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ لَا يُبَاعُ الصَّيْدُ فِي مَوْضِعِ قَتْلِهِ، فَيَشْتَرِي بِتِلْكَ الْقِيمَةِ هَدْيًا إِنْ شَاءَ، أَوْ يَشْتَرِي بِهَا طَعَامًا وَيُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ. وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ يَرَى الْمِثْلَ مِنَ النَّعَمِ ثُمَّ يُقَوَّمُ الْمِثْلُ كَمَا فِي الْمُتْلَفَاتِ يُقَوَّمُ الْمِثْلُ، وَتُؤْخَذُ قِيمَةُ الْمِثْلِ كَقِيمَةِ الشَّيْءِ، فَإِنَّ الْمِثْلَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْوُجُوبِ، وَهَذَا بَيِّنٌ وَعَلَيْهِ تُخَرَّجُ قِرَاءَةُ الْإِضَافَةِ (فَجَزَاءٌ مِثْلُ). احْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: لَوْ كَانَ الشَّبَهُ مِنْ طَرِيقِ الْخِلْقَةِ مُعْتَبَرًا، فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ، وَفِي الْحِمَارِ بَقَرَةٌ، وَفِي الظَّبْيِ شَاةٌ، لَمَا أَوْقَفَهُ عَلَى عَدْلَيْنِ يَحْكُمَانِ بِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ عُلِمَ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الِارْتِيَاءِ وَالنَّظَرِ، وَإِنَّمَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْعُدُولِ وَالنَّظَرِ مَا تُشْكِلُ الْحَالُ فِيهِ، وَيَضْطَرِبُ وَجْهَ النَّظَرِ عَلَيْهِ. وَدَلِيلُنَا عَلَيْهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:" فَجَزاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ" الْآيَةَ. فَالْمِثْلُ يَقْتَضِي بِظَاهِرَةِ الْمِثْلِ الْخِلْقِيِّ الصُّورِيِّ دُونَ الْمَعْنَى، ثُمَّ قَالَ:" مِنَ النَّعَمِ" فَبَيَّنَ جِنْسَ الْمِثْلِ، ثُمَّ قَالَ:" يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ" وَهَذَا ضَمِيرٌ رَاجِعٌ إِلَى مِثْلٍ مِنَ النَّعَمِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرٌ لِسِوَاهُ يَرْجِعُ الضَّمِيرُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:" هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ" وَالَّذِي يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْهَدْيُ مِثْلُ الْمَقْتُولِ مِنَ النَّعَمِ، فَأَمَّا الْقِيمَةُ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ هَدْيًا، وَلَا جَرَى لَهَا ذِكْرٌ فِي نَفْسِ الْآيَةِ، فَصَحَّ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَقَوْلُهُمْ: لَوْ كَانَ الشَّبَهُ مُعْتَبَرًا لَمَا أَوْقَفَهُ عَلَى عَدْلَيْنِ، فَالْجَوَابُ أَنَّ اعْتِبَارَ الْعَدْلَيْنِ إِنَّمَا وَجَبَ لِلنَّظَرِ فِي حَالِ الصَّيْدِ مِنْ صِغَرٍ وَكِبَرٍ، وَمَا لَا جِنْسَ لَهُ مِمَّا لَهُ جِنْسٌ، وَإِلْحَاقُ مَا لَمْ يَقَعْ عليه نص بما وقع عليه النص.

[1] الدبسي: نوع من الفواخت.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 6  صفحه : 310
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست