responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 6  صفحه : 288
لَا غَيْرَ. وَالرِّجْسُ يُقَالُ لِلْأَمْرَيْنِ. وَمَعْنَى" مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ" أَيْ بِحَمْلِهِ عَلَيْهِ وَتَزْيِينِهِ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي كَانَ عَمِلَ مَبَادِئَ هَذِهِ الْأُمُورِ بِنَفْسِهِ حَتَّى اقْتُدِيَ بِهِ فِيهَا. الْخَامِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَاجْتَنِبُوهُ" يُرِيدُ أَبْعِدُوهُ وَاجْعَلُوهُ نَاحِيَةً، فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِاجْتِنَابِ هَذِهِ الْأُمُورِ، وَاقْتَرَنَتْ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ مَعَ نُصُوصِ الْأَحَادِيثِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، فَحَصَلَ الِاجْتِنَابُ فِي جِهَةِ التَّحْرِيمِ، فَبِهَذَا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ. وَلَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ سُورَةَ" الْمَائِدَةِ" نَزَلَتْ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ، وَوَرَدَ التَّحْرِيمُ فِي الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" قُلْ لَا أَجِدُ" [1] وَغَيْرِهَا مِنَ الْآيِ خَبَرًا، وَفِي الْخَمْرِ نَهْيًا وَزَجْرًا، وَهُوَ أَقْوَى التَّحْرِيمِ وَأَوْكَدُهُ. رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، مَشَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَقَالُوا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، وَجُعِلَتْ عِدْلًا [2] لِلشِّرْكِ، يَعْنِي أَنَّهُ قَرَنَهَا بِالذَّبْحِ لِلْأَنْصَابِ وَذَلِكَ شِرْكٌ. ثُمَّ عَلَّقَ" لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" فَعَلَّقَ الْفَلَاحَ بِالْأَمْرِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَأْكِيدِ الْوُجُوبِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. السَّادِسَةُ- فَهِمَ الْجُمْهُورُ مِنْ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَاسْتِخْبَاثِ الشَّرْعِ لَهَا، وَإِطْلَاقِ الرِّجْسِ عَلَيْهَا، وَالْأَمْرِ بِاجْتِنَابِهَا، الْحُكْمَ بِنَجَاسَتِهَا. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ، وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْبَغْدَادِيِّينَ وَالْقَرَوِيِّينَ فَرَأَوْا أَنَّهَا طَاهِرَةٌ، وَأَنَّ الْمُحَرَّمَ إِنَّمَا هُوَ شُرْبُهَا. وَقَدِ اسْتَدَلَّ سَعِيدُ بْنُ الْحَدَّادِ الْقَرَوِيُّ عَلَى طَهَارَتِهَا بِسَفْكِهَا فِي طُرُقِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ نَجِسَةً لَمَا فَعَلَ ذَلِكَ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَلَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ كَمَا نَهَى عَنِ التَّخَلِّي فِي الطُّرُقِ. وَالْجَوَابُ، أَنَّ الصَّحَابَةَ فَعَلَتْ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سُرُوبٌ [3] وَلَا آبَارٌ يُرِيقُونَهَا فِيهَا، إِذِ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ كُنُفٌ فِي بُيُوتِهِمْ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنَّهُمْ كَانُوا يَتَقَذَّرُونَ مِنِ اتِّخَاذِ الْكُنُفِ فِي الْبُيُوتِ، وَنَقْلُهَا إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ فِيهِ كُلْفَةٌ وَمَشَقَّةٌ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ تَأْخِيرُ مَا وَجَبَ عَلَى الْفَوْرِ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا، فَإِنَّ طُرُقَ الْمَدِينَةِ كَانَتْ وَاسِعَةً، وَلَمْ تَكُنِ الْخَمْرُ مِنَ الْكَثْرَةِ بحيث تصير نهرا

[1] راجع ج 7 ص 115.
[2] عدل: مثل ونظير. [ ..... ]
[3] السرب: حفيرة تحت الأرض.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 6  صفحه : 288
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست