responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 6  صفحه : 186
السَّمَرْقَنْدِيُّ: وَهَذَا الْقَوْلُ يُوَافِقُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ إِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ مَا لَمْ يَتَرَاضَوْا بِحُكْمِنَا. وَقَالَ النَّحَّاسُ فِي" النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ" لَهُ قول تعالى:" فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ" مَنْسُوخٌ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَالْيَهُودُ فِيهَا يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَكَانَ الْأَدْعَى لَهُمْ وَالْأَصْلَحُ أَنْ يُرَدُّوا إِلَى أَحْكَامِهِمْ، فَلَمَّا قَوِيَ الْإِسْلَامُ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ" وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ". وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَالزُّهْرِيُّ وعمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالسُّدِّيُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ: وَلَا خِيَارَ لَهُ إِذَا تَحَاكَمُوا إِلَيْهِ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:" حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ" [1]] التوبة: 29]. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا مِنْ أَصَحِّ الِاحْتِجَاجَاتِ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ:" وَهُمْ صاغِرُونَ" أَنْ تَجْرِيَ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ وَجَبَ أَلَّا يُرَدُّوا إِلَى أَحْكَامِهِمْ، فَإِذَا وَجَبَ هَذَا فَالْآيَةٌ مَنْسُوخَةٌ. وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنِهِمْ إِذَا تَحَاكَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ إِلَى الْإِمَامِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْرِضَ عَنْهُمْ، غَيْرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: إِذَا جَاءَتِ الْمَرْأَةُ وَالزَّوْجُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ، وَإِنْ جَاءَتِ الْمَرْأَةُ وَحْدَهَا وَلَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ لَمْ يَحْكُمْ. وَقَالَ الْبَاقُونَ: يَحْكُمُ، فَثَبَتَ أَنَّ قَوْلَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ إِنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ مَعَ مَا ثَبَتَ فِيهَا مِنْ تَوْقِيفِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَكَانَ النَّظَرُ يُوجِبُ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، لِأَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ إِذَا تَحَاكَمُوا إِلَى الْإِمَامِ فَلَهُ أَنْ يَنْظُرَ بَيْنَهُمْ، وَأَنَّهُ إِذَا نَظَرَ بَيْنَهُمْ مُصِيبٌ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ، وَأَلَّا يُعْرِضَ عَنْهُمْ فَيَكُونُ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ تَارِكًا فَرْضًا، فَاعِلًا مَا لَا يَحِلُّ وَلَا يَسَعُهُ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَلِمَنْ قَالَ بِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ قَوْلٌ آخَرُ، مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: عَلَى الْإِمَامِ إِذَا عَلِمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُقِيمَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ وَيَحْتَجَّ بِأَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:" وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ" يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا- وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ إِذَا تَحَاكَمُوا إِلَيْكَ. وَالْآخَرُ- وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْكَ- إِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ مِنْهُمْ- قَالُوا: فَوَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُوجِبُ إِقَامَةَ الْحَقِّ عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْنَا، فَأَمَّا مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ فقوله تعالى:

[1] راجع ج 8 ص 109.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 6  صفحه : 186
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست