responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 5  صفحه : 313
كَأَنَّهُ قَالَ: لَمْ تَطَأْ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا أَنْ تَطَأَ ذَيْلَ الْبُرْدِ. وَنَزَلَتِ الْآيَةُ بِسَبَبِ قتل عياش ابن أَبِي رَبِيعَةَ الْحَارِثَ بْنَ يَزِيدَ بْنَ أَبِي أُنَيْسَةَ [1] الْعَامِرِيَّ لِحِنَةٍ [2] كَانَتْ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا هَاجَرَ الْحَارِثُ مُسْلِمًا لَقِيَهُ عَيَّاشٌ فَقَتَلَهُ وَلَمْ يَشْعُرْ بِإِسْلَامِهِ، فَلَمَّا أُخْبِرَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِي وَأَمْرِ الْحَارِثِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، وَلَمْ أَشْعُرْ بِإِسْلَامِهِ حَتَّى قَتَلْتُهُ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ. وَقِيلَ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ، أَيْ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا وَلَا يَقْتَصَّ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ خَطَأً، فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَلَكِنْ فِيهِ كَذَا وَكَذَا. وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يُقَدَّرَ كَانَ بِمَعْنَى اسْتَقَرَّ وَوُجِدَ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَمَا وُجِدَ وَمَا تَقَرَّرَ وَمَا سَاغَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً إِذْ هُوَ مَغْلُوبٌ فِيهِ أَحْيَانًا، فَيَجِيءُ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ. وَتَتَضَمَّنُ الْآيَةُ عَلَى هَذَا إِعْظَامَ الْعَمْدِ وَبَشَاعَةَ شَأْنِهِ، كَمَا تَقُولُ: مَا كَانَ لَكَ يَا فُلَانُ أَنْ تَتَكَلَّمَ بِهَذَا إِلَّا نَاسِيًا؟ إِعْظَامًا لِلْعَمْدِ وَالْقَصْدِ مَعَ حَظْرِ الْكَلَامِ بِهِ أَلْبَتَّةَ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَلَا خَطَأً. قَالَ النَّحَّاسُ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ (إِلَّا) بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَلَا يَصِحُّ فِي الْمَعْنَى، لِأَنَّ الْخَطَأَ لَا يُحْظَرُ. وَلَا يُفْهَمُ مِنْ دَلِيلِ خِطَابِهِ جَوَازُ قَتْلِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ مُحْتَرَمُ الدَّمِ، وَإِنَّمَا خُصَّ الْمُؤْمِنُ بِالذِّكْرِ تَأْكِيدًا لِحَنَانِهِ وَأُخُوَّتِهِ وَشَفَقَتِهِ وَعَقِيدَتِهِ. وَقَرَأَ الأعمش (خطاء) ممدودا في المواضع الثلاث. وَوُجُوهُ الْخَطَأِ كَثِيرَةٌ لَا تُحْصَى يَرْبِطُهَا عَدَمُ الْقَصْدِ، مِثْلَ أَنْ يَرْمِيَ صُفُوفَ الْمُشْرِكِينَ فَيُصِيبُ مُسْلِمًا. أَوْ يَسْعَى بَيْنَ يَدَيْهِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ مِنْ زَانٍ أَوْ مُحَارِبٍ أَوْ مُرْتَدٍّ فَطَلَبَهُ لِيَقْتُلَهُ فَلَقِيَ غَيْرَهُ فَظَنَّهُ هُوَ فَقَتَلَهُ فَذَلِكَ خَطَأٌ. أَوْ يَرْمِي إِلَى غَرَضٍ فَيُصِيبُ إِنْسَانًا أَوْ مَا جَرَى مَجْرَاهُ، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ. وَالْخَطَأُ اسْمٌ مِنْ أَخْطَأَ خَطَأً وَإِخْطَاءً إِذَا لَمْ يَصْنَعْ عَنْ تَعَمُّدٍ، فَالْخَطَأُ الِاسْمُ يَقُومُ مَقَامَ الْإِخْطَاءِ. وَيُقَالُ لِمَنْ أَرَادَ شَيْئًا فَفَعَلَ غَيْرَهُ: أَخْطَأَ، وَلِمَنْ فَعَلَ غَيْرَ الصَّوَابِ: أَخْطَأَ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) فَحَكَمَ اللَّهُ جَلَّ ثناؤه

[1] يقال فيه: الحارث بن زيد، كما يقال: ابن أنيسة راجع ترجمته في كتاب (الإصابة). [ ..... ]
[2] الحنة والا حنة: الحقد. في ط: لحقد.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 5  صفحه : 313
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست