responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 5  صفحه : 285
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) أَيْ مَا أَصَابَكَ يَا مُحَمَّدُ مِنْ خِصْبٍ وَرَخَاءٍ وَصِحَّةٍ وَسَلَامَةٍ فَبِفَضْلِ اللَّهِ عَلَيْكَ وَإِحْسَانِهِ إِلَيْكَ، وَمَا أَصَابَكَ مِنْ جَدْبٍ وَشِدَّةٍ فَبِذَنْبٍ أَتَيْتَهُ عُوقِبْتَ عَلَيْهِ. وَالْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُرَادُ أُمَّتُهُ. أَيْ مَا أَصَابَكُمْ يا معشر الناس من خصب واتساع زرق فَمِنْ تَفَضُّلِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ جَدْبٍ وَضِيقِ رِزْقٍ فَمِنْ أَنْفُسِكُمْ، أَيْ مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِكُمْ وَقَعَ ذَلِكَ بِكُمْ. قَالَهُ الْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ وَغَيْرُهُمَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ [1]). وَقَدْ قِيلَ: الْخِطَابُ لِلْإِنْسَانِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ [2]) أَيْ إِنَّ النَّاسَ لَفِي خُسْرٍ، أَلَا تَرَاهُ اسْتَثْنَى مِنْهُمْ فَقَالَ (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) وَلَا يُسْتَثْنَى إِلَّا مِنْ جُمْلَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ. وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَكُونُ قَوْلُهُ (مَا أَصابَكَ) اسْتِئْنَافًا. وَقِيلَ: فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ يَقُولُونَ، وَعَلَيْهِ يَكُونُ الْكَلَامُ مُتَّصِلًا، وَالْمَعْنَى فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا حَتَّى يَقُولُوا مَا أَصَابَكَ مِنْ حسنة فمن الله. وفيل: إِنَّ أَلِفَ الِاسْتِفْهَامِ مُضْمَرَةٌ، وَالْمَعْنَى أَفَمِنْ نَفْسِكَ؟ ومثله قوله وتعالى: (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ [3]) والمعنى أو تلك نِعْمَةٌ؟ وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هَذَا رَبِّي [4]) أَيْ أَهَذَا رَبِّي؟ قَالَ أَبُو خِرَاشٍ الْهُذَلِيُّ:
رَمَوْنِي وَقَالُوا [5] يَا خُوَيْلِدُ لَمْ تُرَعَ ... فَقُلْتُ وَأَنْكَرْتُ الْوُجُوهَ هُمُ هُمُ
أَرَادَ (أَهُمْ) فَأَضْمَرَ أَلِفَ الِاسْتِفْهَامِ وَهُوَ كَثِيرٌ وَسَيَأْتِي. قَالَ الْأَخْفَشُ (مَا) بِمَعْنَى الَّذِي. وَقِيلَ: هُوَ شَرْطٌ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَالصَّوَابُ قَوْلُ الأخفش، لأنه نزل في شي بِعَيْنِهِ مِنَ الْجَدْبِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْمَعَاصِي في شي وَلَوْ كَانَ مِنْهَا لَكَانَ وَمَا أَصَبْتَ مِنْ سيئة. وروى عبد الوهاب ابن مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأُبَيٍّ وابن مسعود

[1] راجع ج 18 ص 7 14 فما بعدها.
[2] راجع ج 20 ص 178. [ ..... ]
[3] راجع ج 13 ص 93.
[4] راجع ج 7 ص 27.
[5] في اللسان مادة (رفأ):
رفونى وقالوا يا خويلد لا ترع
ورفوت الرجل: سكنته، يقول: سكنوني. وقال ابن هانئ: يريد رفئوني فألقى الهمزة، قال: والهمزة لا تلقى الا في الشعر، وقد ألقاها في هذا البيت، ومعناه: أنى فزعت فطار قلبي فضموا بعضى إلى بعض.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 5  صفحه : 285
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست