responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 5  صفحه : 279
فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَما لَكُمْ لَا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) حَضٌّ عَلَى الْجِهَادِ. وَهُوَ يَتَضَمَّنُ تَخْلِيصَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ أَيْدِي الْكَفَرَةِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَسُومُونَهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ، وَيَفْتِنُونَهُمْ عَنِ الدِّينِ، فَأَوْجَبَ تَعَالَى الْجِهَادَ لِإِعْلَاءِ كَلِمَتِهِ وَإِظْهَارِ دِينِهِ وَاسْتِنْقَاذِ الْمُؤْمِنِينَ الضُّعَفَاءِ مِنْ عِبَادِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ تَلَفُ النُّفُوسِ. وَتَخْلِيصُ الْأُسَارَى وَاجِبٌ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ إِمَّا بِالْقِتَالِ وَإِمَّا بِالْأَمْوَالِ، وَذَلِكَ أَوْجَبُ لِكَوْنِهَا دُونَ النُّفُوسِ إِذْ هِيَ أَهْوَنُ مِنْهَا. قَالَ مَالِكٌ: وَاجِبٌ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَفْدُوا الْأُسَارَى بِجَمِيعِ أَمْوَالِهِمْ. وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (فُكُّوا الْعَانِيَ) وَقَدْ مَضَى فِي (الْبَقَرَةِ [1]). وَكَذَلِكَ قَالُوا: عَلَيْهِمْ أَنْ يُوَاسُوهُمْ فَإِنَّ الْمُوَاسَاةَ دُونَ الْمُفَادَاةِ. فَإِنْ كَانَ الْأَسِيرُ غَنِيًّا فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْفَادِي أَمْ لَا، قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ، أَصَحُّهُمَا الرُّجُوعُ. الثَّانِيةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ) عَطْفٌ عَلَى اسْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَيْ وَفِي سَبِيلِ الْمُسْتَضْعَفِينَ، فَإِنَّ خَلَاصَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ. وَهَذَا اخْتِيَارُ الزَّجَّاجِ وَقَالَهُ الزُّهْرِيُّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: أَخْتَارُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَفِي الْمُسْتَضْعَفِينَ فَيَكُونُ عَطْفًا عَلَى السَّبِيلِ، أَيْ وَفِي الْمُسْتَضْعَفِينَ لِاسْتِنْقَاذِهِمْ، فَالسَّبِيلَانِ مُخْتَلِفَانِ. وَيَعْنِي بِالْمُسْتَضْعَفِينَ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ تَحْتَ إِذْلَالِ كَفَرَةِ قُرَيْشٍ وَأَذَاهُمْ وَهُمُ الْمَعْنِيُّونَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السلام: (اللهم أنج الوليد ابن الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ. فِي الْبُخَارِيِّ عَنْهُ (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ) فَقَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ، أَنَا مِنَ الْوِلْدَانِ وَأُمِّي مِنَ النِّسَاءِ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها) الْقَرْيَةُ هُنَا مَكَّةُ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْمُتَأَوِّلِينَ. وَوَصْفُهَا بِالظُّلْمِ وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ لِلْأَهْلِ لِعُلْقَةِ الضَّمِيرِ. وَهَذَا كَمَا تَقُولُ: مَرَرْتُ بِالرَّجُلِ الْوَاسِعَةِ دَارُهُ، وَالْكَرِيمِ أَبُوهُ، وَالْحَسَنَةِ جَارِيَتُهُ. وَإِنَّمَا وَصَفَ الرَّجُلَ بها للعلقة اللفظية

[1] راجع ج 2 ص 21.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 5  صفحه : 279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست