responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 5  صفحه : 178
قُلْتُ: وَإِذَا جَازَ إِرْسَالُ الْوَاحِدِ فَلَوْ حَكَّمَ الزَّوْجَانِ وَاحِدًا لَأَجْزَأَ، وَهُوَ بِالْجَوَازِ أَوْلَى إِذَا رَضِيَا بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا خَاطَبَ اللَّهُ بِالْإِرْسَالِ الْحُكَّامَ دُونَ الزَّوْجَيْنِ. فَإِنْ أَرْسَلَ الزَّوْجَانِ حَكَمَيْنِ وَحَكَمَا نَفَذَ حُكْمُهُمَا، لِأَنَّ التَّحْكِيمَ عِنْدَنَا جَائِزٌ، وَيَنْفُذُ فِعْلُ الْحَكَمِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ. هَذَا إِذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَدْلًا، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: حُكْمُهُ مَنْقُوضٌ، لِأَنَّهُمَا تَخَاطَرَا بِمَا لَا يَنْبَغِي مِنَ الْغَرَرِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالصَّحِيحُ نُفُوذُهُ، لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ تَوْكِيلًا فَفِعْلُ الْوَكِيلِ نَافِذٌ، وَإِنْ كَانَ تَحْكِيمًا فَقَدْ قَدَّمَاهُ عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَلَيْسَ الْغَرَرُ بِمُؤَثِّرٍ فِيهِ كَمَا لَمْ يُؤَثِّرْ فِي بَابِ التَّوْكِيلِ، وَبَابُ الْقَضَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَرَرِ كُلِّهِ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ فِيهِ مَعْرِفَةُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِمَا يَئُولُ إِلَيْهِ الْحُكْمُ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مَسْأَلَةُ الْحَكَمَيْنِ نَصَّ اللَّهُ عَلَيْهَا وَحَكَمَ بِهَا عِنْدَ ظُهُورِ الشِّقَاقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَاخْتِلَافِ مَا بَيْنَهُمَا. وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَظِيمَةٌ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَصْلِهَا فِي الْبَعْثِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَفَاصِيلِ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ. وَعَجَبًا لِأَهْلِ بَلَدِنَا حَيْثُ غَفَلُوا عَنْ مُوجِبِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي ذَلِكَ وَقَالُوا: يُجْعَلَانِ عَلَى يَدَيْ أَمِينٍ، وَفِي هَذَا مِنْ مُعَانَدَةِ النَّصِّ مَا لَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ، فَلَا بِكِتَابِ اللَّهِ ائْتَمَرُوا وَلَا بِالْأَقْيِسَةِ اجْتَزَءُوا. وَقَدْ نَدَبْتُ إِلَى ذَلِكَ فَمَا أَجَابَنِي إِلَى بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ عِنْدَ الشِّقَاقِ إِلَّا قَاضٍ وَاحِدٍ، وَلَا بِالْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ إِلَّا آخَرُ، فَلَمَّا مَلَّكَنِي اللَّهُ الْأَمْرَ أَجْرَيْتُ السُّنَّةَ كَمَا يَنْبَغِي. وَلَا تَعْجَبْ لِأَهْلِ بَلَدِنَا لِمَا غَمَرَهُمْ [1] مِنَ الْجَهَالَةِ، وَلَكِنِ اعْجَبْ لِأَبِي حَنِيفَةَ لَيْسَ لِلْحَكَمَيْنِ عِنْدَهُ خَبَرٌ، بَلِ اعْجَبْ مَرَّتَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: الَّذِي يُشْبِهُ ظَاهِرَ الْآيَةِ أَنَّهُ فِيمَا عَمَّ الزَّوْجَيْنِ مَعًا حَتَّى يَشْتَبِهَ فِيهِ حَالَاهُمَا. قَالَ: وَذَلِكَ أَنِّي وَجَدْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَذِنَ فِي نُشُوزِ الزَّوْجِ بِأَنْ يَصْطَلِحَا وَأَذِنَ فِي خَوْفِهِمَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ بِالْخُلْعِ وَذَلِكَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ بِرِضَا الْمَرْأَةِ. وَحَظَرَ أَنْ يَأْخُذَ الزَّوْجُ مِمَّا أَعْطَى شَيْئًا إِذَا أَرَادَ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ، فَلَمَّا أَمَرَ فِيمَنْ خِفْنَا الشِّقَاقَ بَيْنَهُمَا بِالْحَكَمَيْنِ دَلَّ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُمَا غَيْرُ حُكْمِ الْأَزْوَاجِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ بَعَثَ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا، وَلَا يَبْعَثُ الْحَكَمَيْنِ إِلَّا مَأْمُونَيْنِ بِرِضَا الزَّوْجَيْنِ وَتَوْكِيلِهِمَا بِأَنْ يَجْمَعَا أَوْ يُفَرِّقَا إِذَا رأيا ذلك. وذلك يدل على أن

[1] كذا في ابن العربي. وفى الأصول: لما عندهم.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 5  صفحه : 178
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست