responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 5  صفحه : 151
الثَّانِيةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، أَيْ وَلَكِنْ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ. وَالتِّجَارَةُ هِيَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) عَلَى مَا تَقَدَّمَ [1]. وَقُرِئَ (تِجَارَةٌ)، بِالرَّفْعِ أَيْ إِلَّا أَنْ تَقَعَ تِجَارَةٌ، وَعَلَيْهِ أَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ:
فِدًى لِبَنِي ذُهْلِ بْنِ شيبان ناقتي ... إذا كان يوم ذو كواكب أَشْهَبُ
وَتُسَمَّى هَذِهِ كَانَ التَّامَّةُ، لِأَنَّهَا تَمَّتْ بفاعلها ولم تحتج إلى مفعول. وقرى (تِجارَةً) بِالنَّصْبِ، فَتَكُونُ كَانَ نَاقِصَةً، لِأَنَّهَا لَا تَتِمُّ بِالِاسْمِ دُونَ الْخَبَرِ، فَاسْمُهَا مُضْمَرٌ فِيهَا، وإن شدت قَدَّرْتَهُ، أَيْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَمْوَالُ أَمْوَالَ تِجَارَةٍ، فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ [2]). الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (تِجارَةً) التِّجَارَةُ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنِ الْمُعَاوَضَةِ، وَمِنْهُ الْأَجْرُ الَّذِي يُعْطِيهِ الْبَارِئُ سُبْحَانُهُ الْعَبْدَ عِوَضًا عَنِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي هِيَ بَعْضٌ مِنْ فِعْلِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ [3]) وَقَالَ تَعَالَى: (يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ [4]). وَقَالَ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ [5]) الْآيَةَ. فَسَمَّى ذَلِكَ كُلَّهُ بَيْعًا وَشِرَاءً عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ، تَشْبِيهًا بِعُقُودِ الأشرية وَالْبِيَاعَاتِ الَّتِي تَحْصُلُ بِهَا الْأَغْرَاضُ، وَهِيَ نَوْعَانِ: تَقَلُّبٌ فِي الْحَضَرِ مِنْ غَيْرِ نُقْلَةٍ وَلَا سَفَرٍ، وَهَذَا تَرَبُّصٌ وَاحْتِكَارٌ قَدْ رَغِبَ عَنْهُ أُولُو الْأَقْدَارِ، وَزَهِدَ فِيهِ ذَوُو الْأَخْطَارِ. وَالثَّانِي تَقَلُّبُ الْمَالِ بِالْأَسْفَارِ وَنَقْلُهُ إِلَى الْأَمْصَارِ، فَهَذَا أَلْيَقُ بِأَهْلِ الْمُرُوءَةِ، وَأَعَمُّ جَدْوَى وَمَنْفَعَةً، غَيْرَ أَنَّهُ أَكْثَرُ خَطَرًا وَأَعْظَمُ غَرَرًا. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّ الْمُسَافِرَ وَمَالَهُ لَعَلَى قَلَتٍ [6] إِلَّا مَا وَقَى اللَّهُ). يَعْنِي عَلَى خَطَرٍ. وَقِيلَ: فِي التَّوْرَاةِ يَا ابْنَ آدَمَ، أَحْدِثْ سَفَرًا أُحْدِثْ لَكَ رِزْقًا. الطَّبَرِيُّ: وَهَذِهِ الْآيَةُ أَدَلُّ دليل على فساد قول [7] ......

[1] راجع ج 3 ص 356 وص 371.
[2] راجع ج 3 ص 356 وص 371.
[3] راجع ج 18 ص 86.
[4] راجع ج 14 ص 345. [ ..... ]
[5] راجع ج 8 ص 266.
[6] نسب صاحب اللسان هذه العبارة إلى أعرابي. راجع مادة (قلت). والقلت بالتحريك الهلاك.
[7] بياض بالأصول. وفى الطبري: (ففي هذه الآية ابانة من الله تعالى ذكره عن تكذيب قول المتصوفة المنكرين طلب الأقوات بالتجارات والصناعات والله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) اكتسابا أحل ذلك لها. راجع الطبري في تفسير الآية وسيأتي في ص 156
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 5  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست