responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 5  صفحه : 134
ذَلِكَ مَالِكٌ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ مُعَجَّلًا، وَالْإِجَارَةُ وَالْحَجُّ فِي مَعْنَى الْمُؤَجَّلِ. احْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: (بِأَمْوالِكُمْ) وَتَحْقِيقُ الْمَالِ مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَطْمَاعُ، وَيُعَدُّ لِلِانْتِفَاعِ، وَمَنْفَعَةُ الرَّقَبَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَمَنْفَعَةُ التَّعْلِيمِ لِلْعِلْمِ كُلِّهِ لَيْسَ بِمَالٍ. قَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَالْأَصْلُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ أَنَّ رَجُلًا لَوِ اسْتَأْجَرَ رجلا على أن يعلمه سورة الْقُرْآنِ سَمَّاهَا، بِدِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّ الْإِجَارَاتِ لَا تَجُوزُ إِلَّا لِأَحَدِ مَعْنَيَيْنِ، إِمَّا عَلَى عَمَلٍ بِعَيْنِهِ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَإِمَّا عَلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ، وَكَانَ إِذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى تَعْلِيمِ سُورَةٍ فَتِلْكَ إِجَارَةٌ لَا عَلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ وَلَا عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ، وَإِنَّمَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يُعَلَّمَ، وَقَدْ يُفْهَمُ بِقَلِيلِ التَّعْلِيمِ وَكَثِيرِهِ فِي قَلِيلِ الْأَوْقَاتِ وَكَثِيرِهَا. وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ دَارَهُ عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهُ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ يَجُزْ لِلْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْإِجَارَاتِ. وَإِذَا كَانَ التَّعْلِيمُ لَا يُمَلَّكُ بِهِ الْمَنَافِعُ وَلَا أَعْيَانُ الْأَمْوَالِ ثَبَتَ بِالنَّظَرِ أَنَّهُ لَا تُمَلَّكُ بِهِ الْأَبْضَاعُ. وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ. احْتَجَّ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ بِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي حَدِيثِ الْمَوْهُوبَةِ، وَفِيهِ فَقَالَ: (اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ). فِي رِوَايَةٍ قَالَ: (انْطَلِقْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا فَعَلِّمْهَا مِنَ الْقُرْآنِ). قالوا: فقئ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى انْعِقَادِ النِّكَاحِ وَتَأَخُّرِ الْمَهْرِ الَّذِي هُوَ التَّعْلِيمُ، وَهَذَا عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ قَوْلِهِ: (بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ) فَإِنَّ الْبَاءَ لِلْعِوَضِ، كَمَا تَقُولُ: خُذْ هَذَا بِهَذَا، أَيْ عِوَضًا مِنْهُ. وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: (فَعَلِّمْهَا) نَصٌّ فِي الْأَمْرِ بِالتَّعْلِيمِ، وَالْمَسَاقُ يَشْهَدُ بِأَنَّ ذَلِكَ لِأَجْلِ النِّكَاحِ، وَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ إِكْرَامًا لِلرَّجُلِ بِمَا حَفِظَهُ مِنَ الْقُرْآنِ، أَيْ لِمَا حَفِظَهُ، فَتَكُونُ الْبَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ الثَّانِي يُصَرِّحُ بِخِلَافِهِ فِي قَوْلِهِ: (فَعَلِّمْهَا مِنَ الْقُرْآنِ). وَلَا حُجَّةَ فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ خَطَبَ أُمَّ سُلَيْمٍ فَقَالَتْ: إِنْ أَسْلَمَ تَزَوَّجْتُهُ فَأَسْلَمَ فَتَزَوَّجَهَا، فَلَا يُعْلَمُ مَهْرٌ كَانَ أَكْرَمَ مِنْ مَهْرِهَا، كَانَ مَهْرُهَا الْإِسْلَامَ فَإِنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِهِ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا منه شي بِخِلَافِ التَّعْلِيمِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَنَافِعِ. وَقَدْ زَوَّجَ شُعَيْبٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ ابْنَتَهُ مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى أَنْ يَرْعَى لَهُ غَنَمًا فِي صَدَاقِهَا، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي سُورَةِ (الْقَصَصِ) [1]. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: (يَا فُلَانُ هَلْ

[1] راجع ج 13 ص 271 فمن بعد. [ ..... ]
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 5  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست