responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 4  صفحه : 81
أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ
" أَيْ تُمْنَعُ مِنَ الْكَلَامِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، دَلِيلُ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ تَعَالَى بَعْدَ بُشْرَى الْمَلَائِكَةِ لَهُ." وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً" [مريم: 9] [1] أَيْ أَوْجَدْتُكَ بِقُدْرَتِي فَكَذَلِكَ أُوجِدُ لَكَ الْوَلَدَ. وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ النَّحَّاسُ وَقَالَ: قَوْلُ قَتَادَةَ إِنَّ زَكَرِيَّا عُوقِبَ بِتَرْكِ الْكَلَامِ قَوْلٌ مَرْغُوبٌ عَنْهُ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُخْبِرْنَا أَنَّهُ أَذْنَبَ وَلَا أَنَّهُ نَهَاهُ عَنْ هَذَا، وَالْقَوْلُ فِيهِ أَنَّ الْمَعْنَى اجْعَلْ لِي عَلَامَةً تَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْوَلَدِ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ مُغَيَّبًا عَنِّي. وَ" رَمْزاً" نُصِبَ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ المنقطع، قال الأخفش. وقال الكسائي: رمز يرمز ويرمز. وقرى" إِلَّا رَمْزًا" بِفَتْحِ الْمِيمِ وَ" رُمُزًا" بِضَمِّهَا وَضَمِّ الرَّاءِ، الْوَاحِدَةُ رَمْزَةٌ. الثَّالِثَةُ- فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِشَارَةَ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْكَلَامِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي كَثِيرٍ مِنَ السُّنَّةِ، وَآكَدُ الْإِشَارَاتِ مَا حَكَمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَمْرِ السَّوْدَاءِ حِينَ قَالَ لَهَا: (أَيْنَ اللَّهُ)؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: (أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ). فَأَجَازَ الْإِسْلَامَ بِالْإِشَارَةِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الدِّيَانَةِ الَّذِي يُحْرِزُ الدَّمَ وَالْمَالَ وَتُسْتَحَقُّ بِهِ الْجَنَّةُ وَيُنَجَّى بِهِ مِنَ النَّارِ، وَحُكِمَ بِإِيمَانِهَا كَمَا يُحْكَمُ بِنُطْقِ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ، فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ عَامِلَةً فِي سَائِرِ الدِّيَانَةِ، وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْأَخْرَسَ إِذَا أَشَارَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الرَّجُلِ يَمْرَضُ فَيَخْتَلُّ لِسَانُهُ فَهُوَ كَالْأَخْرَسِ فِي الرَّجْعَةِ وَالطَّلَاقِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: ذَلِكَ جَائِزٌ إِذَا كَانَتْ إِشَارَتُهُ تُعْرَفُ، وَإِنْ شُكَّ فِيهَا فَهِيَ بَاطِلٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِقِيَاسٍ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِحْسَانٌ. وَالْقِيَاسُ فِي هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا تُعْقَلُ إِشَارَتُهُ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَطَّالٍ: وَإِنَّمَا حمل أبا حنيفة. على قول هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمِ السُّنَنَ الَّتِي جَاءَتْ بِجَوَازِ الْإِشَارَاتِ فِي أَحْكَامٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي [2] الدِّيَانَةِ. وَلَعَلَّ الْبُخَارِيَّ حَاوَلَ بِتَرْجَمَتِهِ" بَابَ الْإِشَارَةِ فِي الطَّلَاقِ وَالْأُمُورِ" الرَّدَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: أَرَادَ بِقَوْلِهِ" أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ" صَوْمَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. وَكَانُوا إِذَا صَامُوا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا رَمْزًا. وَهَذَا فِيهِ بُعْدٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الرَّابِعَةُ- قَالَ بَعْضُ مَنْ يُجِيزُ نَسْخَ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ: إِنَّ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنَعَ الْكَلَامَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (لَا صمت يوما إلى الليل) [3]. وأكثر

[1] راجع ج 11 ص 84.
[2] في د: من الديانة.
[3] وفى البحر وابن عطية" لا صمت يوم". ورواية أبى داود" ولا صمات يوم إلى الليل" راجع الحديث في اللسان مادة صمت.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 4  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست