responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 4  صفحه : 5
قَوْلُهُ تَعَالَى: (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) يَعْنِي الْقُرْآنَ (بِالْحَقِّ) أي بالصدق، وقيل: بالحجة الغالبة. والقرآن نزل نجوما: شيئا بعد شي، فَلِذَلِكَ قَالَ" نَزَّلَ" وَالتَّنْزِيلُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. وَالتَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ نَزَلَا دُفْعَةً وَاحِدَةً فَلِذَلِكَ قَالَ" أنزل" والباء في قول" بِالْحَقِّ" فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْكِتَابِ، وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ التَّقْدِيرُ آتِيًا بِالْحَقِّ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِ" نَزَّلَ"، لِأَنَّهُ قَدْ تَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ أَحَدِهِمَا بِحَرْفِ جَرٍّ، وَلَا يَتَعَدَّى إِلَى ثَالِثٍ. و" مصدقا" حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ غَيْرُ مُنْتَقِلَةٍ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُصَدِّقٍ، أَيْ غَيْرَ مُوَافِقٍ، هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَقَدَّرَ فِيهِ بَعْضُهُمُ الِانْتِقَالَ، عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ مُصَدِّقٌ لِنَفْسِهِ وَمُصَدِّقٌ لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) يَعْنِي مِنَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ، وَالتَّوْرَاةُ مَعْنَاهَا الضِّيَاءُ وَالنُّورُ، مُشْتَقَّةٌ مِنْ وَرَى الزَّنْدُ وَوَرِيَ لُغَتَانِ إِذَا خَرَجَتْ نَارُهُ. وَأَصْلُهَا تَوْرِيَةٌ عَلَى وَزْنِ تَفْعِلَةٍ، التَّاءُ زَائِدَةٌ وَتَحَرَّكَتِ الْيَاءُ وَقَبْلَهَا فَتْحَةٌ فَقُلِبَتْ أَلِفًا وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تَفْعَلَةً فَتُنْقَلُ الرَّاءُ مِنَ الْكَسْرِ إِلَى الْفَتْحِ كَمَا قَالُوا فِي جَارِيَةٍ: جَارَاةٌ، وَفِي نَاصِيَةٍ نَاصَاةٌ [1]، كِلَاهُمَا عَنِ الْفَرَّاءِ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: أَصْلُهَا فَوْعَلَةٌ، فَالْأَصْلُ وَوْرَيَةٌ، قُلِبَتِ الْوَاوُ الْأُولَى تَاءً كَمَا قُلِبَتْ فِي تَوْلَجَ [2]، وَالْأَصْلُ وَوْلَجَ فَوْعَلَ مِنْ وَلَجْتُ، وَقُلِبَتِ الْيَاءُ أَلِفًا لِحَرَكَتِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا. وَبِنَاءُ فَوْعَلَةٍ أَكْثَرُ مِنْ تَفْعِلَةٍ. وَقِيلَ: التَّوْرَاةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ التَّوْرِيَةِ، وَهِيَ التَّعْرِيضُ بِالشَّيْءِ وَالْكِتْمَانُ لِغَيْرِهِ، فَكَأَنَّ أَكْثَرَ التَّوْرَاةِ مَعَارِيضُ وَتَلْوِيحَاتٌ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ وَإِيضَاحٍ، هَذَا قَوْلُ الْمُؤَرِّجِ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ" [3] يَعْنِي التَّوْرَاةَ. وَالْإِنْجِيلُ إِفْعِيلٌ مِنَ النَّجْلِ وَهُوَ الْأَصْلُ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَنَاجِيلَ وَتَوْرَاةٍ عَلَى تَوَارٍ، فَالْإِنْجِيلُ أَصْلٌ لِعُلُومٍ وَحِكَمٍ. وَيُقَالُ: لَعَنَ اللَّهُ نَاجِلَيْهِ، يَعْنِي وَالِدَيْهِ، إِذْ كَانَا أَصْلَهُ. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ نَجَلْتُ الشَّيْءَ إِذَا اسْتَخْرَجْتُهُ، فَالْإِنْجِيلُ مُسْتَخْرَجٌ بِهِ عُلُومٌ وَحِكَمٌ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْوَلَدُ وَالنَّسْلُ نَجْلًا لِخُرُوجِهِ، كَمَا قَالَ:
إِلَى مَعْشَرٍ لَمْ يُورِثِ اللُّؤْمَ جدهم ... أصاغرهم وكل فحل لهم نجل

[1] هي لهجة طائية، يقولون في مثل جارية جاراه، وناصية ناصاة وكاسية كاساة.
[2] التولج: كناس الظبى أو الوحش الذي يلج فيه.
[3] راجع ج 11 ص 295 [ ..... ]
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 4  صفحه : 5
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست