responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 4  صفحه : 47
النَّهَارِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: الَّذِينَ وُعِظُوا بِهَذَا لَمْ يَقْتُلُوا نَبِيًّا. فَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنَّهُمْ رَضُوا فِعْلَ مَنْ قَتَلَ فَكَانُوا بِمَنْزِلَتِهِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ قَاتَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ وَهَمُّوا بِقَتْلِهِمْ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:" وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ" [1]: الثَّانِيَةُ- دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنَ الْمُنْكَرِ كَانَ وَاجِبًا فِي الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهُوَ فَائِدَةُ الرِّسَالَةِ وَخِلَافَةُ النُّبُوَّةِ. قَالَ الْحَسَنُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ نَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَهُوَ خَلِيفَةُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَخَلِيفَةُ رَسُولِهِ وَخَلِيفَةُ كِتَابِهِ). وَعَنْ دُرَّةَ بِنْتِ أَبِي لَهَبٍ قَالَتْ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: مَنْ خَيْرُ النَّاسِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (آمَرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأَتْقَاهُمْ لِلَّهِ وَأَوْصَلُهُمْ لِرَحِمِهِ). وَفِي التَّنْزِيلِ:" الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ" ثُمَّ قَالَ:" وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ" [2]. فَجَعَلَ تَعَالَى الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَرْقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ أَخَصَّ أَوْصَافِ الْمُؤْمِنِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَرَأْسُهَا الدُّعَاءُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَالْقِتَالُ عَلَيْهِ. ثُمَّ إِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ لَا يَلِيقُ بِكُلِّ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا يَقُومُ بِهِ السُّلْطَانُ إِذْ كَانَتْ إِقَامَةُ الْحُدُودِ إِلَيْهِ، وَالتَّعْزِيزُ إِلَى رَأْيِهِ، وَالْحَبْسُ وَالْإِطْلَاقُ لَهُ، وَالنَّفْيُ وَالتَّغْرِيبُ، فَيَنْصِبُ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ رَجُلًا صَالِحًا قَوِيًّا عَالِمًا أَمِينًا وَيَأْمُرُهُ بِذَلِكَ، وَيُمْضِي الْحُدُودَ عَلَى وَجْهِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ" [3]. الثَّالِثَةُ- وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ النَّاهِي أَنْ يَكُونَ عَدْلًا عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ، خِلَافًا لِلْمُبْتَدِعَةِ حَيْثُ تَقُولُ: لَا يُغَيِّرُهُ إِلَّا عَدْلٌ. وَهَذَا سَاقِطٌ، فَإِنَّ الْعَدَالَةَ مَحْصُورَةٌ فِي الْقَلِيلِ مِنَ الْخَلْقِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ عَامٌّ فِي جَمِيعِ النَّاسِ. فَإِنْ تَشَبَّثُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:" أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ" [4] وَقَوْلِهِ:" كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ" [5] وَنَحْوِهِ، قِيلَ لَهُمْ: إِنَّمَا وقع الذم ها هنا عَلَى ارْتِكَابِ مَا نُهِيَ عَنْهُ لَا عَلَى نهيه عن المنكر. ولا شك

[1] راجع ج 7 ص 397.
[2] راجع ج 8 ص 199 وص 202.
[3] راجع ج 12 ص 72.
[4] راجع ج 1 ص 364.
[5] ج 18 ص 81.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 4  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست