responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 4  صفحه : 252
السَّادِسَةُ- وَالشُّورَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى اخْتِلَافِ الْآرَاءِ، وَالْمُسْتَشِيرُ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ الْخِلَافِ، وَيَنْظُرُ أَقْرَبَهَا قَوْلًا إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إِنْ أَمْكَنَهُ، فَإِذَا أَرْشَدَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مَا شَاءَ مِنْهُ عَزَمَ عَلَيْهِ وَأَنْفَذَهُ مُتَوَكِّلًا عَلَيْهِ، إِذْ هَذِهِ غَايَةُ الِاجْتِهَادِ الْمَطْلُوبِ، وَبِهَذَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. السَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) قَالَ قَتَادَةُ: أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا عَزَمَ عَلَى أَمْرٍ أَنْ يَمْضِيَ فِيهِ وَيَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ، لَا عَلَى مُشَاوَرَتِهِمْ. وَالْعَزْمُ هُوَ الْأَمْرُ الْمُرَوَّى الْمُنَقَّحُ، وَلَيْسَ رُكُوبُ الرَّأْيِ دُونَ رَوِيَّةٍ عَزْمًا، إِلَّا عَلَى مَقْطَعِ الْمُشِيحِينَ مِنْ فُتَّاكِ الْعَرَبِ، كَمَا قَالَ «[1]»:
إِذَا هَمَّ أَلْقَى بَيْنَ عَيْنَيْهِ عَزْمَهُ ... وَنَكَّبَ عَنْ ذِكْرِ الْعَوَاقِبِ جَانِبَا
وَلَمْ يَسْتَشِرْ فِي رَأْيِهِ غَيْرَ نَفْسِهِ ... وَلَمْ يَرْضَ إِلَّا قَائِمَ السَّيْفِ صَاحِبَا
وَقَالَ النَّقَّاشُ: الْعَزْمُ وَالْحَزْمُ وَاحِدٌ، وَالْحَاءُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْعَيْنِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا خَطَأٌ، فَالْحَزْمُ جَوْدَةُ النَّظَرِ فِي الْأَمْرِ وَتَنْقِيحُهُ وَالْحَذَرُ مِنَ الْخَطَأِ فِيهِ. وَالْعَزْمُ قَصْدُ الْإِمْضَاءِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ:" وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ". فَالْمُشَاوَرَةُ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا هُوَ الْحَزْمُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: قَدْ أَحْزُمُ لَوْ أَعْزِمُ [2]. وَقَرَأَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ:" فَإِذا عَزَمْتَ" بِضَمِ التَّاءِ. نَسَبَ الْعَزْمَ إِلَى نَفْسِهِ سُبْحَانَهُ إِذْ هُوَ بِهِدَايَتِهِ وَتَوْفِيقِهِ، كَمَا قَالَ:" وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى " [الأنفال: 17] [3]. وَمَعْنَى الْكَلَامِ أَيْ عَزَمْتُ لَكَ وَوَفَّقْتُكَ وَأَرْشَدْتُكَ" فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ". وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِ التَّاءِ. قَالَ الْمُهَلَّبُ: وَامْتَثَلَ هَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَمْرِ رَبِّهِ فَقَالَ: (لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ يَلْبَسُ لَأْمَتَهُ [4] أَنْ يَضَعَهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ). أَيْ لَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ إِذَا عَزَمَ أَنْ يَنْصَرِفَ، لِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلتَّوَكُّلِ الَّذِي شَرَطَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ الْعَزِيمَةِ. فَلُبْسُهُ لَأْمَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَشَارَ عَلَيْهِ بِالْخُرُوجِ يَوْمَ أُحُدٍ مَنْ أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِالشَّهَادَةِ فِيهِ، وَهُمْ صُلَحَاءُ الْمُؤْمِنِينَ مِمَّنْ كَانَ فَاتَتْهُ بَدْرٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اخْرُجْ بِنَا إِلَى عدونا، دال على العزيمة. وكان

[1] هو سعد بن ناشب المازني (عن الكامل للبرد وخزانة الأدب للبغدادي).
[2] يقول: أعرف وجه الحزم، فإن عزمت فأمضيت الرأى فأنا حازم، وإن تركت الصواب وأنا أراه وضيعت العزم لم ينفعني حزمى. (عن الكامل للمبرد).
[3] راجع ج 7 ص 384. [ ..... ]
[4] اللامة: الدرع، وقيل: السلاح. ولامة الحرب: أداتها. وقد يترك الهمز تخفيفا.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 4  صفحه : 252
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست