responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 94
الْعالَمِينَ. وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ
«1» ". وَقَالَ: فَتَقْدِيرُهُ تَتْرُكُونَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ، وَلَوْ لَمْ يُبَحْ مِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الْأَزْوَاجِ لَمَا صَحَّ ذَلِكَ، وَلَيْسَ الْمُبَاحُ مِنَ الْمَوْضِعِ الْآخَرِ مِثْلًا لَهُ، حَتَّى يُقَالَ: تَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَتَتْرُكُونَ مِثْلَهُ مِنَ الْمُبَاحِ. قَالَ الْكِيَا: وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ، إِذْ مَعْنَاهُ: وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ مِمَّا فِيهِ تَسْكِينُ شَهْوَتِكُمُ، وَلَذَّةُ الْوَقَاعِ حَاصِلَةٌ بِهِمَا جَمِيعًا، فَيَجُوزُ التَّوْبِيخُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى. وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ" مَعَ قَوْلِهِ:" فَأْتُوا حَرْثَكُمْ" مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي الْمَأْتَى اخْتِصَاصًا، وَأَنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَى مَوْضِعِ الْوَلَدِ. قُلْتُ: هَذَا هُوَ الْحَقُّ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ الْعُلَمَاءَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الرَّتْقَاءِ الَّتِي لَا يُوصَلُ إِلَى وَطْئِهَا أَنَّهُ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ، إِلَّا شَيْئًا جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ وَجْهٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ أَنَّهُ لَا تُرَدُّ الرَّتْقَاءُ وَلَا غَيْرُهَا، وَالْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْمَسِيسَ هُوَ الْمُبْتَغَى بِالنِّكَاحِ، وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى هَذَا دليل على أن الدبر ليس بموضع وطئ، ولو كان موضعا للوطي مَا رُدَّتْ مَنْ لَا يُوصَلُ إِلَى وَطْئِهَا فِي الْفَرْجِ. وَفِي إِجْمَاعِهِمْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْعَقِيمَ الَّتِي لَا تَلِدُ لَا تُرَدُّ. وَالصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا بَيَّنَّاهُ. وَمَا نُسِبَ إِلَى مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ مِنْ هَذَا بَاطِلٌ وَهُمْ مُبَرَّءُونَ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّ إِبَاحَةَ الْإِتْيَانِ مُخْتَصَّةٌ بِمَوْضِعِ الْحَرْثِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" فَأْتُوا حَرْثَكُمْ"، وَلِأَنَّ الْحِكْمَةَ فِي خَلْقِ الْأَزْوَاجِ بَثُّ النَّسْلِ، فَغَيْرُ موضع النسل لا يناله مالك النِّكَاحِ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ. وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: إِنَّهُ عِنْدَنَا وَلَائِطُ الذَّكَرِ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ، وَلِأَنَّ الْقَذَرَ وَالْأَذَى فِي مَوْضِعِ النَّجْوِ [2] أَكْثَرُ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ، فَكَانَ أَشْنَعَ. وَأَمَّا صِمَامُ الْبَوْلِ فَغَيْرُ صِمَامِ الرَّحِمِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي قَبَسِهِ: قَالَ لَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ فَقِيهُ الْوَقْتِ وَإِمَامُهُ: الْفَرْجُ أشبه شي بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ، وَأَخْرَجَ يَدَهُ عَاقِدًا بِهَا. وَقَالَ: مَسْلَكُ الْبَوْلِ مَا تَحْتَ الثَّلَاثِينَ، وَمَسْلَكُ الذَّكَرِ وَالْفَرْجِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْخَمْسَةُ، وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْفَرْجَ حَالَ الْحَيْضِ لِأَجْلِ النَّجَاسَةِ الْعَارِضَةِ. فَأَوْلَى أَنْ يُحَرَّمَ الدُّبُرُ لِأَجْلِ النَّجَاسَةِ اللَّازِمَةِ. وَقَالَ مَالِكٌ لِابْنِ وَهْبٍ وَعَلِيِّ بْنِ زياد لما أخبراه أن ناسا بمصر

(1). آية 165 سورة الشعراء.
[2] النجو: ما يخرج من البطن من ريح وغائط.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست