responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 286
رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ. قَالَ النُّمْرُوذُ: أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ، وَأَنَا آخُذُ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ فَأُدْخِلُهُمْ بَيْتًا وَلَا يُطْعَمُونَ شَيْئًا وَلَا يُسْقَوْنَ حَتَّى إِذَا جَاعُوا أَخْرَجْتُهُمْ فَأَطْعَمْتُ اثْنَيْنِ فَحَيِيَا وَتَرَكْتُ اثْنَيْنِ فَمَاتَا. فَعَارَضَهُ إِبْرَاهِيمُ بِالشَّمْسِ فَبُهِتَ. وَذَكَرَ الْأُصُولِيُّونَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا وَصَفَ رَبَّهُ تَعَالَى بِمَا هُوَ صِفَةٌ لَهُ مِنَ الْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ لَكِنَّهُ أَمْرٌ لَهُ حَقِيقَةٌ وَمَجَازٌ، قَصَدَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْحَقِيقَةِ، وَفَزِعَ نُمْرُوذُ إِلَى الْمَجَازِ وَمَوَّهَ عَلَى قَوْمِهِ، فَسَلَّمَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ تَسْلِيمَ الْجَدَلِ وَانْتَقَلَ مَعَهُ مِنَ الْمِثَالِ وَجَاءَهُ بِأَمْرٍ لَا مَجَازَ فِيهِ (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) أَيِ انْقَطَعَتْ حُجَّتُهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا الْآتِي بِهَا مِنَ الْمَشْرِقِ، لِأَنَّ ذَوِي الْأَلْبَابِ يُكَذِّبُونَهُ. الثَّانِيَةُ- هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَسْمِيَةِ الكافر ملكا إذا آتاه الْمُلْكَ وَالْعِزَّ وَالرِّفْعَةَ فِي الدُّنْيَا، وَتَدُلُّ عَلَى إِثْبَاتِ الْمُنَاظَرَةِ وَالْمُجَادَلَةِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ. وَفِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مِنْ هَذَا كَثِيرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ»
"." إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ «[2]» " أَيْ مِنْ حُجَّةٍ. وَقَدْ وَصَفَ خُصُومَةَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْمَهُ وَرَدَّهُ عَلَيْهِمْ فِي عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ كَمَا فِي سُورَةِ" الْأَنْبِيَاءِ" وَغَيْرِهَا. وَقَالَ فِي قِصَّةِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ:" قالُوا يَا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا «[3]» " الْآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ:" وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ". وَكَذَلِكَ مُجَادَلَةُ مُوسَى مَعَ فِرْعَوْنَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيِ. فَهُوَ كُلُّهُ تَعْلِيمٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ السُّؤَالَ وَالْجَوَابَ وَالْمُجَادَلَةَ فِي الدِّينِ، لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ إِلَّا بِظُهُورِ حُجَّةِ الْحَقِّ وَدَحْضِ حُجَّةِ الْبَاطِلِ. وَجَادَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ الْكِتَابِ وَبَاهَلَهُمْ [4] بَعْدَ الْحُجَّةِ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي" آلِ عِمْرَانَ". وَتَحَاجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَغَلَبَهُ آدَمُ بِالْحُجَّةِ. وَتَجَادَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ السَّقِيفَةِ وَتَدَافَعُوا وَتَقَرَّرُوا وَتَنَاظَرُوا حَتَّى صَدَرَ [5] الْحَقُّ فِي أَهْلِهِ، وَتَنَاظَرُوا بَعْدَ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ فِي أَهْلِ الرِّدَّةِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَكْثُرُ إِيرَادُهُ. وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:" فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ «[6]» " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِالْعِلْمِ مُبَاحٌ شَائِعٌ [7] لِمَنْ تَدَبَّرَ. قَالَ الْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ: وَمِنْ حَقِّ الْمُنَاظَرَةِ أَنْ يُرَادَ بِهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْ يُقْبَلَ مِنْهَا مَا تبين. وقالوا:

(1). راجع ج 2 ص 74.
[2] راجع ج 8 ص 361.
[3] راجع ج 9 ص 27.
[4] المباهلة الملاعنة. ومعنى المباهلة أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شي فيقولوا لعنة الله على الظالم منا. راجع ج 4 ص 103، وص 108.
[5] في ب: ظهر.
[6] المباهلة الملاعنة. ومعنى المباهلة أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شي فيقولوا لعنة الله على الظالم منا. راجع ج 4 ص 103، وص 108.
[7] في هـ وب: سائغ.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 286
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست