responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 262
(مُشَدَّدًا) إِذَا قَالَ ذَلِكَ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْمَعْنَى، فَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ بِالتَّفْضِيلِ، وَقَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَإِنَّ الْقُرْآنَ نَاسِخٌ لِلْمَنْعِ مِنَ التَّفْضِيلِ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ:" أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ" يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لِأَنَّهُ الشَّافِعُ يَوْمَئِذٍ وَلَهُ لِوَاءُ الْحَمْدِ وَالْحَوْضُ، وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ:" لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى" عَلَى طَرِيقِ التَّوَاضُعِ، كَمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وُلِّيتُكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ. وَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ:" لَا يَقُلْ أَحَدٌ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى" عَلَى مَعْنَى التَّوَاضُعِ. وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ «[1]» " مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ مِنْهُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: وَلَا تَكُنْ مِثْلَهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ:" لَا تُفَضِّلُونِي عَلَيْهِ" مِنْ طَرِيقِ التَّوَاضُعِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ لَا تُفَضِّلُونِي عَلَيْهِ فِي الْعَمَلِ فَلَعَلَّهُ أَفْضَلُ عَمَلًا مِنِّي، وَلَا فِي الْبَلْوَى وَالِامْتِحَانِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ مِحْنَةً مِنِّي. وَلَيْسَ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ لِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من السودد وَالْفَضْلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ بِعَمَلِهِ بَلْ بِتَفْضِيلِ اللَّهِ إِيَّاهُ وَاخْتِصَاصِهِ لَهُ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ اخْتَارَهُ الْمُهَلَّبُ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّمَا نَهَى عَنِ الْخَوْضِ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّ الْخَوْضَ فِي ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إِلَى الْجِدَالِ وَذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى أَنْ يَذْكُرَ مِنْهُمْ مَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ وَيَقِلَّ احْتِرَامُهُمْ عِنْدَ الْمُمَارَاةِ. قَالَ شَيْخُنَا: فَلَا يُقَالُ: النَّبِيُّ أَفْضَلُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ كُلِّهِمْ وَلَا مِنْ فُلَانٍ وَلَا خَيْرٌ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ النَّهْيِ [2] لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنَ النقص في المفضول، لان النهى اقتضى منه إِطْلَاقِ اللَّفْظِ لَا مَنْعَ اعْتِقَادِ ذَلِكَ الْمَعْنَى، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ بِأَنَّ الرُّسُلَ مُتَفَاضِلُونَ، فَلَا تَقُولُ: نَبِيُّنَا خَيْرٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا مِنْ فُلَانٍ النَّبِيِّ اجْتِنَابًا لِمَا نُهِيَ عَنْهُ وَتَأَدُّبًا بِهِ وَعَمَلًا بِاعْتِقَادِ مَا تَضَمَّنَهُ الْقُرْآنُ مِنَ التَّفْضِيلِ، وَاللَّهُ بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ عَلِيمٌ. قُلْتُ: وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمَنْعَ مِنَ التَّفْضِيلِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ النُّبُوَّةِ الَّتِي هِيَ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ لَا تَفَاضُلَ فِيهَا، وَإِنَّمَا التَّفْضِيلُ فِي زِيَادَةِ الْأَحْوَالِ وَالْخُصُوصِ وَالْكَرَامَاتِ وَالْأَلْطَافِ وَالْمُعْجِزَاتِ الْمُتَبَايِنَاتِ، وَأَمَّا النُّبُوَّةُ فِي نَفْسِهَا فَلَا تَتَفَاضَلُ وَإِنَّمَا تَتَفَاضَلُ بِأُمُورٍ أُخَرَ زَائِدَةٍ عَلَيْهَا، وَلِذَلِكَ مِنْهُمْ رُسُلٌ وَأُولُو عَزْمٍ، وَمِنْهُمْ مَنِ اتُّخِذَ خَلِيلًا، وَمِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ الله

[1] راجع ج 18 ص 253.
[2] في هـ: النص.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 262
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست