responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 238
ثُمَّ جَاءَ يَمْشِي حَتَّى أَتَى الْحَائِطَ وَأُمُّ الدَّحْدَاحِ فِيهِ وَعِيَالُهُ، فَنَادَاهَا: يَا أُمَّ الدَّحْدَاحِ، قَالَتْ: لَبَّيْكَ، قَالَ: اخْرُجِي، قَدْ أَقْرَضْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ حَائِطًا فِيهِ سِتُّمِائَةِ نَخْلَةٍ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: لَمَّا نَزَلَ:" مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً" قَالَ أَبُو الدَّحْدَاحِ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ يَسْتَقْرِضُنَا وَهُوَ غَنِيٌّ عَنِ الْقَرْضِ؟ قَالَ:" نَعَمْ يُرِيدُ أَنْ يُدْخِلَكُمُ الْجَنَّةَ بِهِ". قَالَ: فَإِنِّي إِنْ أَقْرَضْتُ رَبِّي قَرْضًا يَضْمَنُ لِي بِهِ وَلِصِبْيَتِي الدَّحْدَاحَةِ مَعِي الْجَنَّةَ؟ قَالَ:" نعم" قال: فناولني يدك، فناوله رسوله اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ. فَقَالَ: إِنَّ لِي حَدِيقَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا بِالسَّافِلَةِ وَالْأُخْرَى بِالْعَالِيَةِ، وَاللَّهِ لَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا، قَدْ جَعَلْتُهُمَا قَرْضًا لِلَّهِ تَعَالَى. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" اجْعَلْ إِحْدَاهُمَا لِلَّهِ وَالْأُخْرَى دَعْهَا مَعِيشَةً لَكَ وَلِعِيَالِكَ" قَالَ: فَأُشْهِدُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ خَيْرَهُمَا لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ حَائِطٌ فِيهِ سِتُّمِائَةِ نَخْلَةٍ. قَالَ:" إِذًا يُجْزِيكَ اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ". فَانْطَلَقَ أَبُو الدَّحْدَاحِ حَتَّى جَاءَ أُمَّ الدَّحْدَاحِ وَهِيَ مَعَ صِبْيَانِهَا فِي الْحَدِيقَةِ تَدُورُ تَحْتَ النَّخْلِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
هَدَاكِ رَبِّي سُبُلَ الرَّشَادِ ... إِلَى سَبِيلِ الْخَيْرِ وَالسَّدَادِ
بِينِي مِنَ الْحَائِطِ بِالْوِدَادِ ... فَقَدْ مَضَى قَرْضًا إِلَى التَّنَادِّ
أَقْرَضْتُهُ اللَّهَ عَلَى اعْتِمَادِي ... بِالطَّوْعِ لَا مَنٍّ وَلَا ارْتِدَادٍ «1»
إِلَّا رَجَاءَ الضِّعْفِ فِي الْمَعَادِ ... فَارْتَحِلِي بِالنَّفْسِ وَالْأَوْلَادِ
وَالْبِرُّ لَا شَكَّ فَخَيْرُ زَادِ ... قَدَّمَهُ الْمَرْءُ إِلَى الْمَعَادِ
قَالَتْ أُمُّ الدَّحْدَاحِ: رَبِحَ بَيْعُكَ! بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيمَا اشْتَرَيْتَ، ثُمَّ أَجَابَتْهُ أُمُّ الدَّحْدَاحِ وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ:
بَشَّرَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ وَفَرَحْ ... مِثْلُكَ أَدَّى مَا لَدَيْهِ وَنَصَحْ
قَدْ مَتَّعَ اللَّهُ عِيَالِي وَمَنَحْ ... بِالْعَجْوَةِ السَّوْدَاءِ وَالزَّهْوِ الْبَلَحْ

وَالْعَبْدُ يَسْعَى وَلَهُ مَا قَدْ كَدَحْ ... طُولَ الليالي وعليه ما اجترح

(1). في هـ: ازدياد.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست