responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 169
فَالْأَخَصِّ، وَالْأُمُّ أَخَصُّ بِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا إِرْضَاعُهُ وَالْقِيَامُ بِهِ، وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى أَحَدٍ. وَالرَّضَاعُ وَاجِبٌ وَالنَّفَقَةُ اسْتِحْبَابٌ: وَوَجْهُ الِاسْتِحْبَابِ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ" وَوَاجِبٌ عَلَى الْأَزْوَاجِ الْقِيَامُ بِهِنَّ، فَإِذَا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ لَهُنَّ بِمَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ إِعْسَارِهِ لَمْ يَسْقُطِ الْحَقُّ عَنْهُنَّ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعِدَّةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِنَّ وَالنَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، وَإِذَا تَعَذَّرَتِ النَّفَقَةُ لَهُنَّ لَمْ تَسْقُطِ الْعِدَّةُ عَنْهُنَّ. وَرَوَى [1] عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ فِي الْأَسَدِيَّةِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ نَفَقَةُ أَخٍ وَلَا ذِي قَرَابَةٍ وَلَا ذِي رَحِمٍ مِنْهُ. قَالَ: وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:" وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ" هُوَ مَنْسُوخٌ. قَالَ النَّحَّاسُ: هَذَا لَفْظُ مَالِكٍ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا النَّاسِخُ لَهَا وَلَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، وَلَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِمْ بَيَّنَ ذَلِكَ، وَالَّذِي يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ النَّاسِخُ لَهَا عِنْدَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ لَمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مِنْ مَالِ الْمُتَوَفَّى نَفَقَةَ حَوْلٍ وَالسُّكْنَى ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ وَرَفَعَهُ، نُسِخَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ الْوَارِثِ. قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا تَكُونُ النَّفَقَةُ عَلَى الصَّبِيِّ نَفْسِهِ مِنْ مَالِهِ، لَا يكون على الوارث منها شي عَلَى مَا يَأْتِي. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: قَوْلُهُ" وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ" قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ هِيَ مَنْسُوخَةٌ، وَهَذَا كَلَامٌ تَشْمَئِزُّ مِنْهُ قُلُوبُ الْغَافِلِينَ، وَتَحْتَارُ فِيهِ أَلْبَابُ الشَّاذِّينَ، وَالْأَمْرُ فِيهِ قَرِيبٌ! وَذَلِكَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُفَسِّرِينَ كَانُوا يُسَمُّونَ التَّخْصِيصَ نَسْخًا، لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِبَعْضِ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْعُمُومُ مُسَامَحَةً، وَجَرَى ذَلِكَ فِي أَلْسِنَتِهِمْ حَتَّى أَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ، وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِيهِ: أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:" وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ" إِشَارَةٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ رَدَّهُ إِلَى جَمِيعِهِ مِنْ إِيجَابِ النَّفَقَةِ وَتَحْرِيمِ الْإِضْرَارِ، مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَمِنَ السَّلَفِ قتادة والحسن وسند إِلَى عُمَرَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ" لَا
يَرْجِعُ إِلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى تَحْرِيمِ الْإِضْرَارِ، وَالْمَعْنَى: وَعَلَى الْوَارِثِ مِنْ تَحْرِيمِ الْإِضْرَارِ بِالْأُمِّ مَا عَلَى الْأَبِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ، فَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ يَرْجِعُ الْعَطْفُ فِيهِ إِلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ فَعَلَيْهِ الدليل.

[1] في ب وه: وحكى.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 169
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست