responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 66
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْكُلَّ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ عِنْدِهِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ فِي الْأَسْمَاءِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْجَلْدَ سَاقِطٌ فِي حَدِّ الزِّنَى عَنِ الثَّيِّبِ الَّذِي يُرْجَمُ، وَلَا مُسْقِطَ لِذَلِكَ إِلَّا السُّنَّةُ فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا بَيِّنٌ. وَالْحُذَّاقُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ تُنْسَخُ بِالْقُرْآنِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْقِبْلَةِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ إِلَى الشَّامِ لَمْ تَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ «[1]» " فَإِنَّ رُجُوعَهُنَّ إِنَّمَا كَانَ بِصُلْحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقُرَيْشٍ. وَالْحُذَّاقُ عَلَى تجويز نسخ القرآن بخبر الواحد عقلا، واختلقوا هَلْ وَقَعَ شَرْعًا، فَذَهَبَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ إِلَى وُقُوعِهِ فِي نَازِلَةِ مَسْجِدِ قُبَاءٍ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ [2]، وَأَبَى ذَلِكَ قَوْمٌ. وَلَا يَصِحُّ نَسْخُ نَصٍّ بِقِيَاسٍ، إِذْ مِنْ شُرُوطِ الْقِيَاسِ أَلَّا يُخَالِفَ نَصًّا. وَهَذَا كُلُّهُ فِي مُدَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ وَاسْتِقْرَارِ الشَّرِيعَةِ فَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ أَنَّهُ لَا نَسْخَ، وَلِهَذَا كَانَ الْإِجْمَاعُ لَا يَنْسَخُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ إِذِ انْعِقَادُهُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْوَحْيِ، فَإِذَا وَجَدْنَا إِجْمَاعًا يُخَالِفُ نَصًّا فَيُعْلَمُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ اسْتَنَدَ إِلَى نَصٍّ نَاسِخٍ لَا نَعْلَمُهُ نَحْنُ، وَأَنَّ ذَلِكَ النَّصَّ الْمُخَالِفَ مَتْرُوكُ الْعَمَلِ بِهِ، وَأَنَّ مُقْتَضَاهُ نُسِخَ وَبَقِيَ سُنَّةً يُقْرَأُ وَيُرْوَى، كَمَا آيَةُ عِدَّةِ السَّنَةِ [3] فِي الْقُرْآنِ تُتْلَى، فَتَأَمَّلْ هَذَا فَإِنَّهُ نَفِيسٌ، وَيَكُونُ مِنْ بَابِ نَسْخِ الْحُكْمِ دُونَ التِّلَاوَةِ، وَمِثْلُهُ صَدَقَةُ النَّجْوَى. وَقَدْ تُنْسَخُ التِّلَاوَةُ دُونَ الْحُكْمِ كَآيَةِ الرَّجْمِ. وَقَدْ تُنْسَخُ التِّلَاوَةُ وَالْحُكْمُ مَعًا، وَمِنْهُ قَوْلُ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كُنَّا نَقْرَأُ" لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّهُ كُفْرٌ" وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. وَالَّذِي عَلَيْهِ الْحُذَّاقُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّاسِخُ فَهُوَ مُتَعَبِّدٌ بِالْحُكْمِ الْأَوَّلِ، كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ. وَالْحُذَّاقُ عَلَى جَوَازِ نَسْخِ الْحُكْمِ قَبْلَ فِعْلِهِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي قِصَّةِ الذَّبِيحِ، وَفِي فَرْضِ خَمْسِينَ صَلَاةً قَبْلَ فِعْلِهَا بِخَمْسٍ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي" الْإِسْرَاءِ «[4]» " وَ" الصَّافَّاتِ «[5]» "، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ- لِمَعْرِفَةِ النَّاسِخِ طُرُقٌ، مِنْهَا- أَنْ يَكُونَ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ الْأَشْرِبَةِ إِلَّا في ظروف

[1] راجع ج 18 ص 63.
[2] ج 8 ص 259.
[3] يريد قوله تعالى:" مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ ... " فإنه قد نسخ حكمها وبقيت تلاوتها. راجع ج 3 ص 226.
[4] ج 10 ص 210.
[5] ج 15 ص 107.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 66
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست